للاستماع إلى الموضوع
الخط العربي فن جميل وعلم يعبر عن
الثقافة والهوية العربية، وقد وجد العرب فيه وسيلة للتعبير عن إبداعهم، حيث اهتموا
بتطويع الأحرف والعناية بها، وضبطها وتنقيطها وتشكيلها، وقد شهد الخط العربي تطورا
كبيرا مع بداية العصر الإسلامي، والحاجة إلى نسخ القرآن الكريم، فظهرت أنواع
مختلفة من الخطوط مثل الخط الكوفي والنسخ والثلث والديواني وغيرها، وفي العصر
العباسي بلغ الخط العربي ذروة تطوره، وفي العصر العثماني ظهر الخط الديواني، اما في
العصر الحديث أصبح الخط العربي يجمع بين الأصالة والمعاصرة، وظهرت أنواع جديدة
تتماشى مع الحاجات العصرية مثل خط الرقعة... واليوم سنتناول معا أهمية الخط
العربي وبعض أنواعه.
أهمية
الخط العربي:
يحمل الخط العربي في طياته أهمية كبيرة في التاريخ والثقافة الإسلامية على
مر العصور، ونجد ذلك في الاتي:
حفظ القرآن الكريم: حيث كان الوسيلة الرئيسية لتدوين القرآن
الكريم منذ عصر الرسول صلى الله عليه وسلم، وحتى العصر الحالي.
الزخرفة والتجميل: يستخدم الخط العربي في زخرفة المساجد
والمدارس بالآيات القرآنية والأدعية، كما يُزيّن قصور
السلاطين والأواني الفخارية والصناديق الخشبية بلمسة
جمالية فريدة.
التعبير الفني والروحاني: فهو ليس مجرد فن ترفيهي أو
جمالي، بل هو صناعة تثير مشاعر التوقير والإجلال، حيث يجمع الخط العربي بين
تجريد المعنى ومادية الرسم، ويعكس الروحانية والإيمان بالله.
التطور والتنوع: يعتبر الخط العربي أحد أهم الفنون التي
أبدعتها الحضارة الإسلامية، ويتنوع في أشكاله
وأنماطه، ويحظى بانتشار واسع في بلاد العرب والمسلمين.
أشهر أنواع
الخط العربي:
أولا
الخط الكوفي
ظهر في القرن السابع الميلادي واستُخدم في كتابة المصاحف والنقوش
الإسلامية، وسمي هذا الخط بهذا الاسم لأن الكوفة كانت مقرا لخلافة أمير المؤمنين
"علي بن أبي طالب" ولأن سيدنا علي كان يكتب به.
وفي زمن العباسيين
كان للخط العربي نصيب وافر من الارتقاء وانعكس ذلك على الخط الكوفي حيث تبارى الكتاب في ادخال التحسين على
حروفه ليصبح فناً من الفنون الجميلة الرفيعة، وترتد صور وأشكال الخط الكوفي إلى
أصول هندسية وله صور وأشكال متعددة، وهو أصل الخط العربي وأقدمه، وكان الخط الكوفي
بسيطاً في مبدأ أمره لا تعقيد ولا ترابط بين حروفه، وقد ظل بأصالته صورة للفن الإسلامي،
وأحد أوجه الابداع فيه، وقد فتح هذا الخط الباب واسعاً لنماذج أخرى مشتقة منه. ومن
أنواعه:
الكوفي
البسيط
هو أقدم أنواع الخط الكوفي، ويتصف بأن مادته خالية من الإضافات الزخرفية
واللغوية، وقد شاع هذا النوع في العالم الإسلامي في القرون الهجرية الأولى، ومن
أشهر أمثلته كتابات المصاحف القديمة، وكتابة قبة الصخرة في القدس، وكتابة مقياس
النيل في القاهرة، وكتابة الجامع الطولوني.
سورة الفلق بالخط
الكوفي البسيط
الكوفي
المورق
هو خط كوفي يحوي زخارف تشبه أشكال النباتات وأوراق الأشجار والأزهار، حيث
تنبعث هذه الأشكال والزخارف من حروفه القائمة أو حروفه المستلقية وبالأخص الأحرف
الأخيرة، وقد بدأ هذا النوع بصورته الأولى في مصر قبل القرن الثاني الهجري، حيث
لَعب دوراً مهماً في زخرفة الكتابة حينها.
كتابة بالخط الكوفي
المورق على أرضية زخرفية
الكوفي
المزهر
وهو النوع الذي يُرسم على أرضية مزخرفة بزخارف نباتية تشغل الخلفية وجميع
الفراغات التي حول الحروف، وأشهر أمثلته في إيران، وفي مدرسة السلطان حسن بالقاهرة.
ولمن خاف مقام ربه
جنتان بالخط الكوفي المزهر
الكوفي
المضفور
ويُطلق عليه أيضاً المُعقَّد أو المترابط، وهو نوع من الزخارف الكتابية
التي تم المبالغة في تعقيدها أحياناً إلى حد يصعب فيه تمييز العناصر الخطية من
العناصر الزخرفية، حيث تضفر فيه حروف الكلمة الواحدة، كما قد تضفر كلمتان
متجاورتان أو أكثر، ومن أقدم أمثلته خطوط قلعة راد كان في إيران، وفي المسجد
الجامع بالقيروان في تونس.
الحمد لله على نعمة
الإسلام كتابة زخرفية بخط كوفي مضفور
الكوفي
الهندسي
يمتاز هذا النوع عن بقية أنواع الخطوط الكوفية بأنه شديد الاستقامة، قائم
الزوايا، أساسه هندسي بحت، وهو شائع في مساجد إيران والعراق. وأشهر أمثلته في مصر
مسجد السلطان قلاوون.
ومن سلالات هذا النوع الكتابات الهندسية المثلثة أو المربعة أو المخمسة أو
المسدسة أو المسبعة أو المثمنة أو المستديرة وغيرها، وربما يصعب على البعض قراءة
عباراته لشدة تداخل الكلمات ببعضها واشتراك حروفها.
على اليمين كتابة
كوفية هندسية تكررت فيها عبارة هو الله أربع مرات داخل مضلع ثماني الشكل، وعلى
اليسار كتابة يا محمد تكررت 16 مرة لتعطي شكلاً هندسياً مربعاً
الكوفي
التذكاري
وهذا النوع من الكتابات ثقيل وكبير الحجم، فهو من الأنواع التي تُستخدم
لأغراض واستخدامات معيّنة مثل النقوش الكبيرة على البناء، حيث كانت تعرف بأنها
أفاريز خطيّة أو أشرطة تحلّي الحيطان أو رقاب القباب. والنقوش التأسيسية التي تؤرخ
لإقامة أثر، وعادة ما تكون منقورة في الحجر أو الرخام، وقد استمرت الكتابة بالخط
الكوفي التذكاري في العالم الإسلامي حتى القرن السادس الهجري، ثم بدأ يغلب عليه خط
النسخ حيث احتل مكانه آنذاك.
خط كوفي تذكاري منقوش
على رُخام
ثانيا
خط المحقق:
يعتبر المحقق أحسن
الخطوط وأصعبها وأكثرها تعقيدا للكاتب وقلائل هم من يستطيعون كتابته والمحقق خط
رزين وضخم الشكل وغير متداخل الحروف وهو من الخطوط الاسلامية الأصيلة.
نموذج لخط المحقق
ثالثا
خط النسخ:
وسمي بخط النسخ لكثرة استعماله في نسخ الكتب ونقلها، والنسخ بالعربية يحمل معنيان الأول المحو وإزالة الشيء والثاني النقل، وهو
يمتاز بسهولة قراءته ووضوحه، ويمتاز ايضا بأنه خط كامل، معتدل، منظم وواضح لا يقع
قارئه بأي التباس في تشابه حروفه ويكثر استخدام هذا الخط في الكتابة الدقيقة ويعد
هذا الخط أكثر الخطوط شيوعا في الاقطار الاسلامية وهو رائج جدا في نسخ الكتب
والقرآن والمجلات والدوريات والصحف.
نموذج لخط النسخ
رابعا
الخط الديواني:
استخدمه العثمانيون وكان
خاصاً بالأمور الديوانية لذلك سمي بالخط الديواني ولم يكن موجود قبل الدولة
العثمانية وكان هذا الخط في الخلافة العثمانية سراً من أسرار القصور السلطانية لا
يعرفه إلا كاتبه أو قليل من الطلبة الأذكياء، والخط الديواني مهما بدا منظما
ومتناسبا ومتداخلا فإنه يبدو منفصلاً وهو أكثرهم صعوبة في القراءة والكتابة وأقل
جمالا من غيره.
نموذج للخط الديواني
خامسا
خط الثلث:
يدعى خط الثلث بأم
الخطوط ويعتبر من أصعب الخطوط حيث يأخذ وقتاً كثيرا في الكتابة، وتم استخدامه في
العناوين واللوحات الفنية.
نموذج لخط الثلث
سادسا
خط الرقعة:
يتميز بحروفه القصيرة وسهولة
وسرعة الكتابة به وقد نشأ في تركيا
ويعد من ابسط الخطوط وأقلها تقييدا فلا يوجد به الكثير من التحسينات
الشكلية، ولا الكثير من الميلان والتدوير، فكان استعماله في العناوين والكتابة
اليومية والمراسلات.
نموذج لخط الرقعة
وختاما.. نجد أن الخط العربي بتنوع أساليبه وأشكاله مصدر إلهام للجميع، وليس
مجرد أداة للكتابة، بل هو تراثنا الثقافي الذي يجب الحفاظ عليه وتطويره، ونقله إلى الأجيال القادمة.
المصادر والمراجع:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- قواعد
الخط العربي: هاشم محمد الخطاط.
- الخط
العربي نشأته وتطوره: د. عادل الألوسي.
- تاريخ
الخط العربي وآدابه: محمد طاهر الكردي.
- دراسات
في تاريخ الخط العربي: د. صلاح الدين.
- جماليات
الخط العربي: منصور بن ناصر العواجي.
- موسوعة
الخط العربي «خط النسخ»: كامل سلمان الجبوري.
- تاريخ الخط العربي وتطوره عبر العصور: ا.د محمد
علي عبد الحفيظ.
- أطلس
الخط والخطوط: حبيب الله فضائلي-ترجمة: د. محمد التونجي.
- أصل
الخط العربي وتاريخ تطوره إلى ما قبل الإسلام: د. خليل يحيى نامي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للمزيد
من الموضوعات "اضغط هنا"