المسحراتي عاشق ليالي رمضان
من أشهر الشخصيات التي ترتبط بشهر رمضان ... شخصية
المسحراتي والذي ينتظره الأطفال في الأزقة والحارات فرحين بأغانيه وأزجاله
"اصحي يا نايم... وحّد الدايم ... رمضان كريم"، حاملاً طبلته المعلقة
بواسطة حبل في رقبته والمتدلية على صدره وماسكاً بيده عصا صغيرة يدق بها على طبلته
لتنبيه المسلمين لوقت السحور. بدأت ظاهرة المسحراتي منذ العهد العباسي وتطورات إلى
أن أصبحت مهنة وتقليد أصيل تتوارثه الأجيال في شهر رمضان.
كيف ظهر المسحراتي
حرص المسلمون على طعام السحور منذ القدم، وذلك تمسكًا
بالحديث النبوي الشريف: "تسحروا فإن في السحور بركة"، رواه البخاري
ومسلم. وكان المسلمون يعرفون وقت السحور في عهد الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ
بآذان "بلال بن رباح" ويعرفون الامتناع عن الطعام بآذان "عبدالله
بن أم مكتوم" فقد قال الرسول ـ عليه الصلاة والسلام: "إن بلالاً يؤذن
بليل فكلوا وأشربوا حتى يؤذن بن أم مكتوم".
وفي مكة كان "الزمزمي" ينادي من أجل السحور،
وكان يتبع طريقة خاصة بحيث يرخي طرف حبل في يده يتدلى منه قنديلان كبيران حتى يرى
نور القنديلين من لا يستطيع سماع ندائه من فوق المسجد. ومع اتساع رقعة الدولة الإسلامية
تعددت أساليب تنبيه الصائمين، حيث ابتكر المسلمون وسائل جديدة في الولايات
الإسلامية من باب أن التنبيه على السحور دلالة على الخير وتعاون على البر، ومن
تطوع خيراً فالله يخلفه.
المسحراتي مهنة في عهد العباسيين
من هنا بدأت مهنة المسحراتي في عصر الدولة العباسية، وفي
عهد الخليفة المنتصر بالله، ويذكر المؤرخون أن المسحراتي ظهر إلى الوجود عندما
لاحظ والي مصر"عتبة بن إسحاق" أن الناس لا ينتبهون إلى وقت السحور، ولا
يوجد من يقوم بهذه المهمة آنذاك، فتطوع هو بنفسه لهذه المهمة فكان يطوف شوارع
القاهرة ليلاً لإيقاظ أهلها وقت السحور، وكان ذلك عام 238هـ، حيث كان يطوف علي
قدميه سيراً من مدينة العسكر إلى مسجد عمرو بن العاصي في الفسطاط مناديًا الناس:
"عباد الله تسحروا فإن في السحور بركة".
أهل مصر هم أول من ابتكروا طبلة المسحراتي
وفي عصر الدولة الفاطمية أصدر الحاكم بأمر الله الفاطمي
أمرا لجنوده بأن يمروا على البيوت ويدقوا على الأبواب بهدف إيقاظ النائمين للسحور،
ومع مرور الوقت تم تخصيص رجل للقيام بمهمة المسحراتي كان ينادي: "يا أهل الله
قوموا تسحروا"، ويدق على أبواب المنازل بعصا كان يحملها في يده.
تطورت بعد ذلك ظاهرة التسحير على يد أهل مصر، حيث
ابتكروا الطبلة ليحملها المسحراتي ليدق عليها بدلاً من استخدام العصا، هذه الطبلة
كانت تسمى "بازة" وهي صغيرة الحجم يدق عليها المسحراتي دقات منتظمة، ثم
تطورت مظاهر المهنة فاستعان المسحراتي بالطبلة الكبيرة التي يدق عليها أثناء تجوله
بالأحياء وهو يشدو بأشعار شعبية وزجل خاص بهذه المناسبة، تم تطور الأمر إلى عدة
أشخاص معهم طبل بلدي وصاجات برئاسة المسحراتي، ويقومون بغناء أغاني خفيفة حيث شارك
المسحراتي الشعراء في تأليف الأغاني التي ينادون بها كل ليلة.
ومن أشهر هذه الأشعار
- اصح يانايم وحد الدايم.
- وقول نويت بكرة إن حييت.
- الشهر صايم والفجر قايم ورمضان كريم.