حي العباسية
لكل منطقة وحي وميدان في نواحي المحروسة قصة مشبعة بالأحداث التاريخية والتغيرات على مدى العصور، وفى إطار اهتمامنا بتقديم حكاية كل منطقة نتحدث اليوم عن حي العباسية لنراه بصور مختلفة منها الملون ومنها من يكتفى بالأبيض والأسود.
حي العباسية؛ من الأحياء الشهيرة في القاهرة، حيثُ توجد به أشهر الجامعات المصريّة، جامعة عين شمس، كمّا أنهُ يصِل بين غرب القاهرة وشرقها، ولكن هل تخيلتُ يومًا أنّ حي العباسية كانَ صحراء جرداء ثُم تحَول إلى حي الأثرياء ومهدًا للمنشآت العسكرية مع مرور الزمن، فحي العباسية هو صحراء «الريدانية» وسُميت بهذا الاسم نسبة إلى «ريدان الصقلي» أحد أفراد حاشية الخليفة الفاطمي «العزيز بالله»، وقد شهدت قديما موقعة « الريدانية» التي وقعت أحداثها عام 1517م بين جيش المماليك بقيادة السلطان «طومان باى» والجيش العثماني بقيادة السلطان «سليم الأول»، وانتهت بانتصار العثمانيين وهزيمة المماليك وإعدام طومان باى شنقًا على باب زويلة، ثم أهملت المنطقة، إلى أن جاء عباس حلمي الأول باشا والي مصر عام 1848م وقررَ تشييد ثكنات عسكريّة للجيش المصري على حافة الصحراء، ووضعَ أساس حي العباسية وشجع الناس على تعمير هذه المنطقة عن طريق منح الأراضي وتشييد مستشفى ومدرسة، كما شيد قصراً ضخماً له فيها، وقد حكى المهندس « ديليسبس» عن هذا القصر قائلاً: « إنّ نوافذه بلغت 2000 نافذة، فهو مدينة كاملة في الصحراء». وقد سُميت بالعباسية نسبة إليه.
تطورها:
حدثت طفرة للحي في عهد الخديوي إسماعيل فأنشأ عدة مدارس عسكرية فيها، منها مدرسة البيادة «المشاة» عام 1864م، ومدرسة السواري «الفرسان» ومدرسة الطوبجية «المدفعية» عام 1865م، ومدرسة أركان حرب، ومدرسة المهندسخانة «الري والعمارة» بسرايا «الزعفران» نسبة إلى زهرة الزعفران التي كانت تنمو في المنطقة، كما نقل إليها مدرسة الضباط «المدرسة الحربية» حتى يسهل على التلاميذ القيام بالتمرينات الحربية وضرب النار، كما مد إليها السكك الحديدية، وأنشأ ميدان لمسابقات الخيول بالعباسية، وتحولت العباسية إلى ميدان للرماية والاحتفالات الشعبية.
عباس حلمي الأول
أهم الأحداث:
يزخر حي العباسية بتاريخ حافل في سجل العسكرية المصرية ففي أثناء أحداث الثورة العرابية، عقدَ 600 ضابط مصري اجتماعًا في ثكنات الجيش بالعباسية يوم 18 فبراير 1879، ثُم خرجوا على إثره في مظاهرة عسكرية اشتركَ فيها طلاب المدارس العسكرية المجاورة، وبعض الجنود وثلاثة من أعضاء مجلس شورى النواب، ثُم توجهوا إلى مقر وزارة المالية في لاظوغلي، بقيادة البكباشي لطيف سليم، وتربصوا برئيس النظار نوبار باشا والمفتش الأجنبي ويلسون وضربوهما ضربًا مٌبرحًا وسجنوهما داخل الوزارة ولم ينقذهما إلا الخديوي إسماعيل. وفي اليوم التالي سقطَت وزارة نوبار، وبذلك أثبتت مظاهرة الضباط قدرة الجبهة الوطنية المصرية الرافضة للتغلغل الأجنبي.
معالم الحي:
وبمرور الزمن انتشرت المنشآت الحيوية بالحي والمصالح الحكومية مثل المستشفى اليوناني -المستشفى الإيطالي - مستشفى الأمراض النفسية- وزارة السياحة -وزارة الكهرباء- الكاتدرائية المرقسية للمسيحيين الأرثوذكس - مدرسة الحسينية للبنين التي كان اسمها مدرسة فؤاد الأول نسبة إلى الملك فؤاد - مدرسة الأهرام الثانوية ومن أشهر خريجيها المشير عبد الحكيم عامر.
أشهر أبناء وسكان الحي:
سكن العباسية مجموعة كبيرة من قادة مصر وساستها وإعلامها ومنهم الزعيم جمال عبد الناصر، والمشير عبد الحكيم عامر، والفريق عبد المنعم رياض، ووزير الدفاع الأسبق محمد صادق، والفنان صلاح ذو الفقار، والملحن محمد الموجي، والفنان عبد الرحمن أبو زهرة.
موقع حي العباسيه على خرائط جوجل
تاريخ التحديث : 2024