حي حلوان
المحروسة عامرة بالضواحي والأحياء التي تحمل بين ثناياها القصص والأسرار والحكايات التاريخية لتخبر بها كل من يجول فيها، واليوم نتعرف سويا على قصه ضاحية من أهم ضواحي مدينة القاهرة القديمة الراقية الواقعة على نهر النيل أنها "حلوان" مدينة الشمس والهواء، وتتمتع حلوان بوضع متميز بين جميع أنحاء المدن المصرية القديمة والحديثة، لطبيعة موقعها الجغرافي وجذورها التاريخية. فقد حظيت باهتمام بالغ من قبل الجغرافيين والمؤرخين والسياسيين.
البداية:
نشأت ضاحية حلوان منذ العصر الفرعوني وكانت تسمي بـــ "عين آن"، فكلمة عين تعبر عن عيون المياه العذبة الموجودة بها، وكلمة "آن" تعني سمكة، ووجُد فيها سد "جراوي" أو الكفرة وهو أول سد ماء في التاريخ، وفي العصر القبطي سكنها المسيحيون وشيدوا بها الأديرة والكنائس وسميت بــ"حالوان" وتحورت إلى "حي- وان" إلى أن وصل الاسم إلى "حلوان"، كما سكنها الأجانب خاصة اليونانيين والإيطاليين فانتشرت كنائس الروم الأرثوذكس والروم الكاثوليك، كما سكنها اليهود وبنوا فيها معبداً، وفي العصر الإسلامي حدث طاعون بمدينة الفسطاط عام 686م فاتجه عبد العزيز بن مروان والى مصر في عهد الأمويين لمدينة حلوان، وشيد فيها القصور والمساجد، واختار عبد العزيز اسم "حلوان" لهذه المدينة لأنها تشبه في موضعها ومزاياها موضع حلوان التي بالعراق، واستمر العمران والازدهار بالمدينة حتى العصر العثماني ثم أصابها التدهور والخراب.
تعود المدينة العريقة لتظهر في تاريخ مصر الحديث، فعندما تولى عباس حلمي الأول حكم مصر حينها تم بالصدفة البحتة إعادة اكتشاف عيون حلوان الكبريتية، والتي استخدمت في علاج الجنود من الأمراض الجلدية التي انتشرت داخل الجيش وقتها، ولهذا أمر ببناء حمامًا كبريتيًا بغرض الاستشفاء، ثم تدفق إليها الأوروبيون إلا أن صعوبة المواصلات وبعدها عن القاهرة حال دون استثمارها، وفي عهد الخديوي سعيد في الفترة بين 1854و1863م تم إقامة مجموعة من الاستراحات حول العيون الكبريتية، واُنشأت إدارة للإشراف عليها ولتنظيم حركة الزيارات إليها وتطهيرها للمحافظة على استمرارها، ومع بداية عهد الخديوي إسماعيل زاد الاهتمام بمدينة حلوان وشرعوا في تشيد الحمامات بالمدينة بسبب عيون المياه الكبريتية، ومد إليها خط سكه حديد يبدأ من المنشية بجوار القلعة ويصل لحلوان، فأقبل عليها الناس وسكنها الحكام والباشوات والأثرياء وذاعت شهرتها في شتى أنحاء العالم، وفي عهد الخديوي توفيق أصبحت حلوان عاصمة بديلة لمدينة القاهرة وشيد فيها فندق "جراند أوتيل" عام 1888م الذي تحول الآن لمدرسة حلوان الثانوية للبنات، ومرصد حلوان فضلا عن القصور والمتاحف والمساجد.
معالم الحي:
يضم حي حلوان العديد من المعالم الهامة مثل ركن فاروق، والحديقة اليابانية، ومتحف الشمع، ومرصد حلوان الذي يقع على ربوه عالية من الحجر الجيري بشارع المرصد شرق حلوان، اٌنشأ عام 1903م، وأكتسب شهرة واسعة بفضل موقعه الجغرافي المتميز فجذب العلماء الأجانب لعمل دراسات علمية مشتركة فيه، كما أهداه عالم الفلك البريطاني" ريتولدز" منظار عاكس قطره 30 بوصه نظراً لإعجابه به، ودخلت مصر بهذا المرصد مجال الرصد الفلكي من أوسع أبوابه، كما يضم المرصد واحداً من المناظير الكبيرة في العالم لرصد الكواكب والنجوم، ومن أهم ما تم رصده كوكب بلوتو عند اكتشافه عام 1930م.
موقع حي حلوان على خرائط جوجل
تاريخ التحديث : 2024