للاستماع إلى الموضوع
حكايات
محلات مصر التاريخية............"شيكوريل،
عمر أفندي، شملا ،عدس، بنزايون، وباتا".. هم أسماء تاريخية كبيرة لسلاسل تجارية
ارتبطت بها أذهان المصريين لفترة طويلة، ولا زالوا يذكرونها، واشتهرت بالشراء منها
الطبقات الاجتماعية الراقية والارستقراطية، إذ كان شراء سلعة منها مصدر فخر للكثيرين.
محلات شيكوريل:
هي سلسلة محلات اسسها رجل الأعمال اليهودي
الإيطالي مورينيو شيكوريل عام 1887، بمنطقة وسط البلد، وكان شيكوريل ذو أصول
إيطالية ويقيم في تركيا بمدينة بأزمير التي تركها وأتى إلى مصر في اواخر القرن
التاسع عشر، وأسس محلات شيكوريل التي كانت من أكبر المحلات التجارية المشهورة في
مصر وكان رأس مال الشركة 500 ألف جنيه مصري وهو مبلغ ضخم في تلك الفترة، وكان يعمل
بها 485 موظفاً أجنبياً و142 موظفاً مصرياً.
مورينيو شيكوريل
ولما
وصل مورينيو شيكوريل إلى مصر اشتغل لمدة قليلة في محل اسمه اوبيتى بازار كان يملكه
يهودي آخر اسمه هانو وفي 1909 اسس شيكوريل أول محل خاص به اطلق عليه اسم "ليه
جراند ماجازان شيكوريل" بجوار قصر الأوبرا القديمة في وسط القاهرة وذلك بمساعدة
أولاده الثلاثة: سولومون ويوسف وسالفاتور حتى كبر المحل وأصبح واحداً من أفخم المحلات
في المحروسة.
محلات "شيكوريل"
ولكن مورينيو على الرغم من أن محلاته كانت تعاملاتها مقصورة على الطبقة
الراقية والارستقراطية إلا أنه في عام 1936 انضمت إليهم عائلة يهودية أخرى وأصبحوا
يمتلكون معاً مجموعة محلات أوريكو التي كانت الأسعار فيها ارخص من محلات شيكوريل، وقد
استقدم شيكوريل عمال أجانب يتحدثون الفرنسية والإنجليزية، كما استقدم جهاز لقياس درجة إسترخاء القدم والأصابع داخل الحذاء.
آلة البيد سكوب
وقد
كان «شيكوريل» متجراً للأرستقراطية المصرية بما في ذلك العائلة الملكية، ولكن قصته
كانت من القصص المأساوية، اذ احترق بكرات لهبٍ اُلقيت عليه أثناء حرب فلسطين
الأولى عام 1948، كما خسر كثيراً في حريق القاهرة الأول، ولم يكن حريق القاهرة
الثاني أقل رحمة من الأول في عام 1952، إذا طال المحل العريق، وفي المرتين اُعيد
بناؤه بمساعدة الحكومة، وبقي على حاله حتى وُضع تحت الحراسة بعد نشوب العدوان
الثلاثي على مصر 1956، واضطرت أسرة شيكوريل لبيعه لرجال الأعمال وأممته
الدولة في 1956.
قبل الحريق بعد الحريق
محلات عمر أفندي:
أسسته عائلة أودلف أوروزدي عام 1856 وهي عائلة
نمساوية يهودية، وذلك ليكون سلسلة متاجر، وكانت تحت اسم«أوروزدى باك» في منطقة
شارع عبد العزيز بالقاهرة،وصممه المعماري"راؤول براندن"على طراز
الروكوكو، وهو مكون من ستة طوابق حتى يلبي احتياجات العاملين من مصر والأجانب
أيضًا وفي عام 1900 افتتحت الشركة أكثر من 60 فرعًا على مستوى مصر.
وكان صاحب هذه المحلات «أودلف أوروزدى» يعمل
ضابطًا بالجيش المجري، وقد سعى وعمل المستحيل حتى تصبح محلاته سلسلة محلات،وبالفعل نجح «أوروزدى» في الانتشار وجذبت
محلاته الزبائن بسبب تعادل أسعارها، كما أنها كانت تبيع كل ما يحتاجه المرء من مستلزمات
منزلية وأجهزة كهربائية وأقمشة وغيرها.
محلات "عمر أفندي"
وعن
قصة تسمية محلهم بـ«عمر أفندي»، فقد ورد أكثر من رواية: الرواية الأولى منها أن كبير تلك العائلة
وهو "ريزدى باك" كان يملك محلا لبيع السجاد العجمي، وكان يعمل لديه في
المحل رجل بسيط يدعى "عمر"، وكان يرتدي ملابس الأفندية، وهى (قميص وبنطلون
وجاكت وكرافت وطربوش) فأطلق عليه الزبائن "عمر أفندي وقد لاحظ صاحب
المحل حب الناس لعمر نظرا لمعاملته الطيبة معهم، فعرض عليه الشراكة بالاسم فقط في
محل تجاري كبير في وسط البلد وبالطبع وافق عمر، ومن هنا تم تأسيس الماركة المصرية
الأشهر عمر أفندي وبدأت سلسلة محلات عمر أفندي التجارية،وفي رواية أخرى قيل إن
ريزدى باك، باع محلاته لأحد التجار الأتراك والذي يدعى عمر أفندي، وفي رواية أخيرة
قيل أنه في عام 1920 تم بيع «أوروزدى» بكل فروعه لرجل ثري مصري يهودي من أصل ألباني
، وقام بتغيير اسم المحل ليصبح تحت اسم «عمر أفندي»، وفي عام 1957 قامت الحكومة
المصرية برئاسة جمال عبد الناصر بتأميم سلسلة عمر أفندي، ونتيجة لخسائر تلك الفروع
تمت خصخصة «عمر أفندي» عام 2007، ويبلغ عدد فروعه 82 فرعًا و68 مخزنًا.
عمر أفندي حاليا
محلات شملا:
هي
محال شهيرة أسسها رجل الأعمال اليهودي ذو الأصل الفرنسي «كليمان شملا» مع أخويه
"ديفيد وفيكتو" في شارع 26 يوليو بمنطقة وسط البلد كفرع لمحال شملا
باريس، واشتهرت ببيع الملابس والمنسوجات والأدوات المنزلية، ثم
تحولت محلات شملا إلى شركة مساهمة عام 1946، وانضمت إلى شركة الملابس والمنتجات
الاستهلاكية الحكومية بعد تأميمها بقرار من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عام
1956.
إحدى الإعلانات القديمة الخاصة بمحلات "شملا"
محلات عدس:
أسسا الأخوين داود
وإميلي عدس مجموعة من المحال التجارية، في شارع عماد الدين في القاهرة، ومنطقة
الأزهر، وهو أول من اتبع نظام البيع بالتقسيط في مصر للموظفين. أممته الدولة المصرية في فترة الستينات، وقد
امتازت سلسلة محلات داود عدس بإعلاناتها المبتكرة، فكان أشهرها الإمساكية التي
طبعها داوود عدس كدعاية وأصبحت نموذجا بعد ذلك لكل إمساكيات رمضان، إذ احتوت على
أحكام الصيام والأدعية والآيات القرآنية، ومواعيد الإفطار والإمساك، وكانت لأول
مرة توزع على الصائمين في الشوارع.
إمساكية داود عدس
ومحلات
داود عدس وابنه في الحمزاوي تم دمجها حاليا في شركة الأزياء الحديثة التابعة
للشركة القابضة للسياحة والفنادق والسينما، وهى احدى شركات وزارة الاستثمار.
محلات بنزايون:
محلات "بنزايون"
تأسست
محلات بنزايون عام 1950 على يد الخواجة "بنزايون" وجرى تأميمها في 1960
وتم دمجها حاليا في شركة الأزياء الحديثة التابعة للشركة القابضة للسياحة والفنادق
والسينما ، وهى احدى شركات وزارة الاستثمار.
إحدى الإعلانات القديمة الخاصة بمحلات "بنزايون"
محلات باتا:
يعود
تاريخ شركة "باتا" للأحذية إلى أصل تشيكي، وهي شركة عالمية تعمل في
تصنيع وتوزيع جميع أنواع الأحذية ولوازمها عبر العالم، وكان مقرها في سويسرا،ومنذ
نشأتها اعتمدت الشركة على الحداثة والتقنية المستوحاة من تجربة شركات السيارات
التي أنشأها "هنري فورد"، وأنشأت إلى جانب معاملها مدن لسكن العمال
ومرافق حياتية واجتماعية وثقافية، وقد أصبحت في وقت سريع من أكبر الشركات العالمية
المنتجة والموزعة للأحذية وبحلول
الحرب العالمية الأولى عملت شركة باتا في صناعة أحذية الجنود، كما قامت الشركة
بتخفيض أسعار أحذيتها للنصف بسبب الازمة الاقتصادية التي عصفت بالدول الأوروبية
بسبب الحرب، الأمر الذي حقق مبيعات كبيرة للشركة وساهم في توسعها بأوروبا وعدد من
دول العالم.
دخول شركة باتا للسوق المصري:
افتتحت
شركة باتا أولى فروعها في مصر مطلع ثلاثينيات القرن الماضي، وحققت انتشارا واسعا
بين مختلف فئات المجتمع المصري، نظرا لجودة الاحذية على اختلاف انواعها من أحذية
رجالى وحريمي وأحذية الأطفال، بجانب الحذاء الرياضي الأبيض الذى اشتهرت به الشركة،
كما عرفت الشركة بوضع "لبيسة" مع كل حذاء يتم بيعه، وهو ما ساهم في
زيادة مبيعات الشركة، وتم انشاء مصنع للشركة في القاهرة بشارع عماد الدين، بجانب
عدد من الفروع بمختلف المحافظات.
"أحذيتنا
تمثل الصناعة المتقنة" هذا هو الشعار الذي حملته إحدى الإعلانات
القديمة الخاصة بشركة "باتا"، والتي كانت تمثل واحدة من أهم ماركات
الأحذية في مصر خلال القرن الماضي، نظرا لجودة تلك الاحذية بالتزامن مع بيعها
بأسعار مناسبة لمختلف فئات المجتمع المصري، فقد دخلت الشركة موسوعة «جينيس»
للأرقام القياسية عندما باعت 14 بليون حذاء بوصفها «أكبر شركة لبيع الأحذية
وصنعها».
إحدى الإعلانات القديمة الخاصة بشركة "باتا"
واستمر
النجاح المنقطع النظير للشركة حتى تأميمها عام 1961، حيث تم ضم الشركة بنفس الاسم
التجاري "باتا" رغم فصلها التام عن الشركة الأم، وعلى مدار سنوات منذ
تأميم الشركة تعرضت إلى مجموعة من الأزمات والخسائر تسببت في تدهور وضعها وتصفية
العديد من فروعها، مع الابقاء على عدد قليل من الافرع.
محلات "باتا"
واليوم
أصبحت تلك الصروح التجارية ما هي إلا مباني أثرية تحمل بين طياتها تاريخ الماضي
العريق، وحل محلها المولات والمحال التجارية وإن كانت تلك المحال التي عرضناها هي
أصل المولات وأصل الأزياء الراقية وبيوت الموضة العالمية التي ظهرت في القاهرة
الخديوية حينما كانت القاهرة الخديوية باريس الشرق.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للمزيد من الموضوعات "اضغط هنا"