للاستماع إلى الموضوع
طابع البريد ..... جسر التواصل الأول الذي
حطمته التكنولوجيا.. لا توثق كتب التاريخ وحدها، فربما يشوبها بعض
الأخطاء الناجمة عن شخصية المؤلف وانتماءاته أو رؤيته الخاصة، لهذا هنالك طرق أخرى
لتوثيق التاريخ، منها الطوابع البريدية التي تعد بمثابة سجل تاريخي لأهم الأحداث
التي عاشتها مصر سواء التاريخية أو النضالية عبر آلاف السنين، كما أنها تخلد ذكرى
شخصيات كان لها دور عظيم في تاريخ مصر.
فمن خلال المعلومات التي توجد على طابع البريد نستطيع أن
نستنتج تاريخ البلد التي أنشأت الطابع وعاداتها وثقافتها والحالة الاقتصادية
والاجتماعية والسياحية والسياسية وأهم الأحداث التي تمر بها تلك البلد، واليوم
نتعرف سويا على تاريخ الطوابع في مصر مع عرض لبعض تلك الطوابع.
فقد بدأت فكرة البريد في مصر مع عصر الدولة الفرعونية،
إذ يرجع تاريخ أول وثيقة جاء بها ذكر البريد إلى عهد الأسرة الثانية عشرة (حوالي
سنة 2000 ق.م) وهي وصية من أب لولده تكشف أهمية صناعة الكتابة والمستقبل المجيد،
الذي ينتظر الكاتب في وظائف الحكومة. وقد قام الفراعنة بتنظيم نقل البريد خارجيا
وداخليا وكانوا يستخدمون سعاه يسيرون على الأقدام يتبعون ضفتي النيل في رواحهم
وغدوهم داخل البلاد، ويسلكون إلى الخارج عبر الطرق التي تسلكها القوافل والجيوش.
ويوجد في مصر أربع أنواع من الطوابع الأول:
"الطوابع العادية" وتكون ذات تصميم بسيط ويتم تغيره كل فترة زمنيه من 3
:4 سنوات كلما دعت الضرورة، والنوع الثاني
" الطوابع الجوية" وتستخدم هذه الطوابع للرسائل المنقولة سواء داخل
وخارج مصر، وقد صدر أول طابع بريد جوي في مصر عام 1926م، أما النوع الثالث "الطوابع الحكومية" أو "الرسمية" وتستخدم بين الجهات الحكومية
وبعضها البعض أو من الجهات الحكومية إلى الجمهور، ولا يسمح بتداولها بين الجمهور،
وأخيراً النوع الرابع "الطوابع التذكارية" وهي التي تصدرها الدولة بغرض
الاحتفال بمناسبة ما أو شخص ما ويكون سعرها أغلى من الطوابع التقليدية.
وتعد مصر ثالث دولة على مستوى العالم قامت بإصدار
الطوابع البريدية حيث ظهر أول طابع بريد في يناير 1866م بعدما اشترى الخديوي
إسماعيل حق امتياز شركة "البريد الأوروبية" التي أنشائها الإيطالي كارلو
ميراتي لتصدير وتسلم الخطابات المتبادلة مع الدول الأجنبية، وأنشئ البوسطة
المصرية وهى حالياً (مصلحة البريد) الموجودة بميدان العتبة، وكانت الطوابع فئة «أور
بارة»، وأور هي الـ 10، أما البارة فهي عملة قديمة استخدمتها الدولة العثمانية
وكانت تساوي ربع مليم، ومدون عليها اسم مصر.
أول طابع بريد عام 1866
وكانت الطوابع تطبع في مدينة جنوه الإيطالية حتى عام
1867م، ثم طبعت بعد ذلك في الإسكندرية، ثم في مطابع الأميرية ببولاق عام 1872م،
وفي عام 1893م تم إصدار طوابع بريد حكومية
مدون عليها كلمة "ميري" بأشكال مختلفة، مقابل 10 بارات.
طوابع الفترة الملكية:
شهدت الطوابع طفرة كبيرة في الطباعة والتصميم والاشكال
بعد أن حصلت مصر على استقلالها من الدولة العثمانية عام 1922م، وربما ترجع تلك
الطفرة للتأكيد على استقلال مصر وعدم تبعيتها للدولة العثمانية أو لإنجلترا، حيث
ظهرت الطوابع المصورة لأول مرة في مصر عام 1923 وعليها صورة الملك فؤاد، و كانت
مكونة من 12 طابعاً، من فئة مليم حتى فئة
جنيه، وسميت بمجموعة "فؤاد
عربي" لأن الكتابة عليها كانت باللغة العربية، كما ظهرت مجموعة طوابع أخرى للملك فؤاد في عام
1927 ولكن باللغة الفرنسية تقديراً للعلاقات القوية بين مصر وفرنسا في تلك الفترة،
وفي عام 1929 احتفل الملك فؤاد بعيد الميلاد التاسع للأمير فاروق ، ومكتوب على
الطابع (الدولة المصرية 1920-1929ـ ايجيبت - 20 مليما ـ الأمير فاروق) والطابع
باللون التركوازي، مستطل بالطول)، وطبع منه 200 ألف نسخة.
ومن بين الطوابع النادرة التي حفظت مناسبة غير معروفة
للجميع، طابع بريد جوي تذكاري لوصول المنطاد “جراف تسبلين” إلى مصر عام 1931، حيث
طبعت منه هيئة البريد حوالي 20 ألف نسخة، بثمن 50 مليم، وكان تصميم الطابع عبارة
عن صورة لطائرة نفاثة تحلق على النيل ومكتوب
على الطابع (بريد جوي ـ الدولة المصرية) ومختوم على الطابع (جراف
تسبلين 1بريل 1931) والطابع باللون البني .
طابع بريد جوي تذكاري لوصول المنطاد “جراف تسبلين” إلى
مصر عام 1931
ومن الطوابع
النادرة أيضا طابع تذكاري طبع بمناسبة المؤتمر الدولي للسكك الحديدية عام 1933،
ويظهر عليه قطار قديم من الفحم منذ عام 1852، ومكتوب على الطابع 1852 (الدولة
المصرية ـ 5 مليمات ـ المؤتمر الدولي للسكك الحديدية 1933) والطابع باللون البني ، وتم طباعة 202 ألف نسخة منه بسعر 5 مليم.
طابع المؤتمر الدولي للسكك
الحديدية عام 1933
كما طبع طابع تذكاري بمناسبة المؤتمر العاشر لاتحاد
البريد العالمي في القاهرة 1934، ويظهر عليه صورة لوجه الملك فؤاد.
طابع المؤتمر العاشر لاتحاد البريد
العالمي في القاهرة 1934
ومع تولي الملك فاروق الأول عام 1936، أصبحت الطوابع تحمل
صورة الملك الجديد، بألوان ونقوش كثيرة وفئات تبدأ من مليم حتى جنيه، ومنها طابع
تذكاري طبع احتفالا بمناسبة زواج الملك فاروق من الملكة فريدة عام 1938 وهو عبارة
عن صورة للملك فاروق وقرينته فريدة وعلى الطابع مكتوب (الدولة المصرية ـ 1جنيه ـ
فاروق الأول ـ فريدة ـ 10ذي الحجة سنة 1356)والطابع
باللون الأخضر، بني متوسط، وهو مستطل بالعرض.
الطوابع بعد إعلان
الجمهورية:
وثقت الطوابع أيضاً الثورة المصرية التي اندلعت في 23
يوليو عام 1952 وأنهت الحكم الملكي وأعلنت قيام الدولة الجمهورية التي بدأت برئاسة
محمد نجيب ولا تزال مستمرة حتى الآن، فبعد الثورة كادت تتوقف حركة إرسال الخطابات
بين الناس وبين مصر والدول الأخرى. لذلك استخدمت هيئة البريد الطوابع العادية
الخاصة بالملك فاروق الذي جرت الإطاحة به، ولكن تم تشطيبها بـ 3 خطوط على وجه
الملك السابق، وتُعرف تلك الخطوط بـ "3 بارا" . فكان الطابع عبارة عن
(صورة الملك فاروق ببدلة التشريفة في الوسط داخل إطار بيضاوي، وحول الإطار زخارف
برسومات زهرة اللوتس. ومدون عليه كلمات1مليم- 10 مصر- بريــد)
والطابع باللون (البرتقالي – والبني)، ومختوم على الطابع ثلاث خطوط باللون الأسود على
وجه الملك وذلك لانتهاء الملكية وبداية الجمهورية ونظرا لعدم وجود طوابع والاتفاق
على نوع وشكل الطابع لانشغال رجال الثورة بالتحرير وما سينتج عنه.
والجدير بالذكر
أن الطوابع المصرية لم تشهد وجود أي مثقفين أو فنانين عليها حتى عام 1957، ذلك
العام الذي احتفلت فيه هيئة البريد باِثنين من كبار الشعراء المصريين هما حافظ
إبراهيم وأحمد شوقي لمناسبة مرور 25 عاماً على وفاتهما، ولم تغفل
الطوابع المصرية أيضاً عن الرياضة، فقد وثقت واحداً من أهم الأحداث الكروية في تاريخ
مصر، وهو الصعود لكأس العالم لكرة القدم للمرة الثانية عام 1990 في إيطاليا.
كما صدرت مجموعة من الطوابع التي تؤرخ لأهم الأحداث
السياسية والاجتماعية والعلمية التي شهدتها مصر عبر عصورها، منها قيام ثورة يوليو
1952، وإعلان الجمهورية 1953، وحرب السويس 1956، ونصر أكتوبر 1973، وثورة25
يناير2011، وافتتاح قناة السويس الجديدة 6 أغسطس 2015، وموكب المومياوات الملكية
3أبريل 2021.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للمزيد من الموضوعات "اضغط هنا"