جارى تحميل الموقع
18 الخميس , أبريل, 2024
البوابة الالكترونية محافظة القاهرة
حارات ومهن مصرية
21 فبراير 2021
About

للاستماع إلى الموضوع

 
 
في ليلة من ليالي كتاب «ألف ليلة وليلة» قيل عن القاهرة.. «من لم يرى القاهرة فكأنه لم يرى الدنيا فترابها ذهب ونيلها عجب وبيوتها قصور وهواؤها عليل ينعش القلب»، فهي تتميز من بين مدن العالم بأسماء شوارعها التي تحكي التاريخ فوق الجدران وزوايا الحارات والأزقة، هذه الشوارع وتلك الأسماء تبدو كرواية من فصول منفصلة متصلة، إنها رواية المكان والتاريخ معاً.

 

والمفارقة أن مصر لم تعرف أسماء الشوارع حتى عهد محمد علي باشا، بل كانت هناك أحياء ومناطق تحمل أحياناً اسم القبيلة التي عاشت فيها منذ البداية، أو اسم أرباب الحرف والمهن المختلفة التي اندثر بعضها وبعضها الآخر ما زال موجود إلى الآن، وأحياناً تحمل اسم صاحب منصب أو مسجد أو قصر أقيم في منطقة ما.

 

عزيزي القارئ.. اليوم نتعرف سويا عن تاريخ بعض شوارع وحارات وأزقة القاهرة التي تحمل أسماء لمهن وحرف مصرية.

 

حارة السقايين:

هى حارة متواجدة بالسيدة زينب كانت أحد النقاط الأربع التي يتجمع فيها السقاؤون الذين ينقلون الماء من النيل إلى داخل القاهرة، لذا سميت بهذا الاسم.

حارة السقايين

 

و"السقا" أو "السقاية" أو "السقاء"، تعني حامل وناقل الماء للمنازل، وهي مهنة قديمة كانت تنتشر في الحارات الشعبية والأماكن العامة بمصر حتى نهايات القرن التاسع عشر. 

السقا

 

وكان يعمل بها رجل أو إمراه، فيحمل كل منهم جرة أو قربه مصنوعة من جلد الماعز، يملؤها بالماء من النيل أو من أحد الأسبلة أو الخزانات، ثم يقوم بنقلها إلى المنازل والمساجد والمدارس في مقابل مبلغ مُتفق عليه.


السقايين يملئون القرب من النيل

 

ومع بداية تطور القاهرة الخديوية بدأت مهنة "السقا" في الاندثار بشكل كبير.فالسقا هو الوحيد الذي يُسمح له بدخول المنازل، والتجول في الحارات والأزقة، فكان لا يجوز له تولي تلك المسئولية، إلا بعد اجتيازه اختبار مبدئي للحصول على رخصة مزاولة المهنة من نظارة الداخلية، وتلك الرخصة كانت تحتوي على اسم الساقي وبياناته والشوارع والحارات المسموح له بالتجول فيها، وكان على السقا وضع تلك الرخصة على كتفه برباط من الجلد، ليتيح للجميع التعرف عليه وتفرقته عن أصحاب المهن الأخرى، في شوارع المحروسة في نظام دقيق لكل اصحاب الحرف القديمة.

رخصة السقا 

 

شارع سوق السلاح:

يقع في منطقة الدرب الأحمر بجنوب القاهرة، وكان يطلق عليه في البداية "سويقة العزى" نسبة إلى الأمير عز الدين بهادر، أحد أمراء المماليك الذي كان يقال إنه يسكن فيه، ولكن بمرور الوقت بدأ الناس يطلقون على الشارع اسم "سوق السلاح" نظرا لوجود العديد من ورش ومصانع الأسلحة على اختلاف أنواعها فيه، من رماح وسيوف ودروع، حيث كان الشارع المورد الرئيسي لخدمات التسليح للقلعة أثناء حكم المماليك بمصر.

                                                     شارع سوق السلاح حاليا                                                                                               شارع سوق السلاح قديما

 

 

ومع تراجع الطلب على تلك النوعيات من الأسلحة، تحولت الورش الموجودة في الشارع إلى محلات لإصلاح الأسلحة من مسدسات وبنادق. وفي الخمسينات من القرن الماضي اختفت هذه المهنة أيضا وتحولت أنشطة المحلات إلى مجالات أخرى لا تمت بصلة بنشأة الشارع كسوق سلاح، وإن ظل محتفظاً باسمه إلى الأن.

بائع أسلحة الخرطوش في إحدى ورش سوق السلاح بالقاهرة  

منطقة النحاسين:

واحدة من أجمل الأحياء الشعبية في القاهرة العتيقة، وشوارعها التي تتلوى في رشاقة الثعبان تفوح منها رائحة الفاطميين والمماليك، وحضارة الماضي بكل شخوصه وعناصره، والتي مازالت تطل من عيون وأجساد الفنانين المهرة الذين يشكلون من معدن النحاس الأصفر نقوشا فنية ولوحات تعبيرية لا تقل جمالا ولا قيمة عن لوحات كبار الفنانين التشكيليين.

منطقة النحاسين قديما

 

فمنطقة النحاسين هى احدى معالم شارع المعز لدين الله، وتزخر هذه المنطقة بأهم الحرف اليدوية، ومنها حرفة "النحاسين"، ويعود سبب تسمية هذه المنطقة بحي النحاسين هو أن تجار النحاس منذ العصر الفاطمي كانوا يتمركزون فيه لتصنيع وبيع أواني المطبخ والنجف وقدر الفول وصواني الطعام وأباريق المياه ومستلزمات المقاهي والكثير من قطع الديكور المتنوعة ذات الاستخدامات المتعددة في القصور والبيوت ودور العبادة. ثم انقرضت هذه الصناعة أو أوشكت على الانقراض وأصبحت تستخدم لصناعة أدوات الديكور فقط.

ورشة تصنيع السلاح

 

حارة الصناديقية:

هى حارة متفرعة من شارع المعز لدين الله الفاطمي وسُميت بالصناديقية لأنها كانت سوقا لصناعة وبيع الصناديق الخاصة بالعروس التي كانت بديلا للدواليب، وكذلك كان أحد أهم الأسواق القديمة في منطقة الأزهر في بيع البخور والتوابل والعطور والمسلي الدسم الذي كان يُخزن في براميل كبيرة ويتم بيعه للناس في أكياس باستخدام أكواز صفيح.

 

                                حارة الصناديقية بريشة أحد الفنانين المستشرقين                                                                              حارة الصناديقية الآن

 

ومن أشهر سكان الحارة المؤرخ المصري عبد الرحمن الجبرتي الذي كان له بيتا فيها. 

المؤرخ المصري عبد الرحمن الجبرتي 

 

الكحكيين:

هى إحدى حواري منطقة الغورية، وكانت تعرف قديما بــ "رحبة الكعكيين"، ويعود سبب التسمية إلى أن أهالي المنطقة قديما كانوا من صُناع الكحك وكان بها فرن كبير يأتي إليه الناس بالصاجات لعمل الكحك ولتسويته، ولكن اختفى كل هذا وأصبحت مكان لبيع الأقمشة والمفروشات حتى أنه يصعب على الزائر رؤية لوحة الحارة من كثرة الأقمشة والمفارش المعلقة بين المباني.

 

                                                   حارة الكحكيين حاليا                                                                                                 حارة الكحكيين قديما

 

حارة التمبكشية:

هى إحدى الحواري التي تتفرع من شارع المعز في حي الجمالية، وقد اشتق اسم الحارة من الكلمة التركية تمباك وتعني التبغ مضافا إليها جي نسبة لبائع التبغ ثم جمعت جمعا عاميا على تمبكجية ثم حرفت الى تمبكشية وكما جرت العادة على تسمية الشوارع بأسماء الحرف سميت الحارة بهذا الاسم نسبة الى تجار "التمباك" أو"التبغ".

حارة التمبكشية

 

وكانت من الحارات التجارية الكبرى في العصر العثماني حيث كان يقع بها مجموعة من الوكالات التجارية منها وكالة أوده باشا ووكالة بازرعة. 

 

                                                        وكالة أوده باشا                                                                                                          وكالة بازرعة

 

حارة القرابية:

هى حارة تقع بحي الدرب الأحمر، وأصل تسميتها جاء من صناعة قرب المياه المصنوعة من جلود الحيوانات، وكان يحمل السقا فيها المياه لتوصيلها إلى المنازل والمساجد، لكنها اندثرت مع اندثار مهنة «السقا»، وبقيت الجلود وصناعتها لتكون «القرابية» قلعة من قلاع صناعة الجلود في مصر.

للمزيد من الموضوعات "اضغط هنا"