جارى تحميل الموقع
23 الثلاثاء , أبريل, 2024
البوابة الالكترونية محافظة القاهرة
عواصم مصر
10 يناير 2021
About

للاستماع إلى الموضوع

 
 
المتأمل لتاريخ مصر يجدها كانت ومازالت مهد الحضارات والممالك، فقد حباها الله بحدود طبيعية آمنة، وصحراوات في الشرق والغرب، ومصدراً ثابتا للمياه هو "نهر النيل"، وأرضاً منبسطة، ومناخاً معتدلاً، وموقعاً متميزٌاً ربطها بقارات العالم القديم. فكل هذه العوامل وغيرٌها جعلت مصر تتبوأ مكانتها المرموقة عبر العصور.  ومع تعدد الممالك والحضارات تعددت عواصمها واختلفت مواقعها وأماكنها في أنحاء وأرجاء مصر.

 

فقد كان لمصر 21 عاصمة عبر تاريخها، منذ عصور ما قبل التاريخ حتى يومنا هذا، وسوف نستعرض معا أهم هذه العواصم وهي كالتالي:

 

الطينة:

كانت عاصمة مصر قبل توحيد القطرين منذ 2950 ق. م إلى 2892 ق.م:  وتعرف حالياً باسم (البربا- مركز جرجا- محافظة سوهاج)، واسم "بربا" فرعونيا منقسم لـ "بر" بمعنى "البيت" و "با" بمعنى "الروح" فصار اسمها بيت الروح، وهي مسقط رأس الملك مينا.

 

منف:

تعتبر "منف" من أقدم العواصم المصرية التي اختارها الملك مينا بعد توحيد القطرين وظلت عاصمة لمصر منذ الأسرة الأولى 2895 ق.م حتى الأسرة الثامنة 2360 ق.م، وكان اسمها الفرعوني "انب – حج" بمعنى "الجدار الأبيض"، ثم صار اسمها "من – نفر" بمعنى "ثابت وجميل" وسميت "ميت – رهنت" أي "طريق الكباش"، ثم سميت "ممفيس" في العصر اليوناني، و"منف" في العصر الروماني وعند العرب، وتقع حالياً في ميت رهينه بالبدرشين بالقرب من الجيزة.

الملك مينا (نارمر) 

اهناسيا:

عاصمة مصر خلال حكمي الأسرتين التاسعة والعاشرة من عام 2360 ق.م. حتى عام 2160 ق.م، كان اسمها الفرعوني "نن – نسو"، التي تعني "الطفل الملكي"، وكانت مقر عبادة الإله "حر-حري- شاف" الذي ربط الاغريق بينه وبين إلههم "هرقل" لهذا أطلق عليها "هرقليوبوليس" ، وفي العصر الروماني صار اسمها "إهنس" وحرفت في العربية إلى اسمها الحالي "إهناسيا"، وتقع حالياً بمحافظة بني سويف.

 

طيبة:

 كان اسمها الفرعوني "تا – إبت" أي "الحرم" أو "المكان المقدس" ثم صار اسمها عند الإغريق "تيباي"، ليرجعها العرب لاسمها القديم "طيبة"، وتقع حالياً في الأقصر، وكانت "طيبة" عاصمة لمصر 3 مرات، الأولى من عهد حكم الأسرة الحادية عشر حتى الثالثة عشر "عام 2160 ق.م - عام 1715 ق.م"، والثانية أيام عصر الأسرة السابعة عشر من عام 1580 ق.م. حتى عام 1353 ق.م"، وذلك بعد أن تمكن أحمس من طرد الهكسوس، والثالثة عام 1332 ق.م. حتى عام 1090 ق.م، من الأسرة الثامنة عشر حتى الأسرة العشرين، وتعتبر هذه الفترة هي أزهى وأعرق فترات "طيبة"، وقد قال عنها "هيردوت": "اشتهرت "طيبة" بملوكها الذينٌ رفعتهم حكمتهم إلى مرتبة الآلهة، وقوانينها التي كانت تطاع، وبعلومها المنقوشة نقشاً بديعاً على الحجر، وقد هجرت هذه العاصمة، وقضى عليها توحش الإنسانيةٌ، وردتها إلى الصحراء أيدٌى اللصوص فلم تعد إلا شبحاً هائلاً، هذا هو ما صارت إليه أفخر مدن الفراعنة".

الملك أحمس 

أواريس:

كانت عاصمة مصر أثناء احتلال الهكسوس في عهدي الأسرتين الـ 15 و الـ 16 من عام 1660 ق.م. حتى عام 1580 ق.م ، عرف اسمها عند الفراعنة باسم "بر – إمن" أي بيت الإله آمون ثم عرفت باسم "أواريس" ، وهناك من يسميها "أفاريس" ، أما العرب فأطلقوا عليها "فرما"، وتقع حالياً في قرية بالوظة ، قسم الرومانة ، محافظة شمال سيناء.

 

تل بني عمران "تل العمارنة":

كانت تل العمارنة عاصمة لمصر أيام حكم الأسرة الثامنة عشر وبناها إخناتون وقد سميت في العصر الفرعوني بـ "أخيتاتون"، وقد بناها اخناتون من أجل الإله آتون المرموز له بقرص الشمس، لكن كهنة آمون تمكنوا من القضاء على دعوة إخناتون وإرجاع العاصمة إلى "طيبة"، وتقع أخيتاتون حالياً في بني عمران مركز دير مواس بمحافظة المنيا.

تمثال الملك اخناتون 

الإسكندرية:

عاصمة مصر منذ عام 332 ق.م. حتى عام 641م، وكانت قرية صغيرة تدعى "راكتوس" أو "راقودة" يحيط بها قرى صغيرة، وعند دخول الإسكندر الأكبر مصر وطرده للفرس منها، استقبله المصريون بالترحاب نظرًا للقسوة التي كانوا يُعاملون بها تحت الاحتلال الفارسي، ومن أجل إثبات أنه ليس غازيا مثل الفرس توجه إلى زيارة معبد آمون وقدم له القرابين، وفي طريقه إلى المعبد مرّ بقرية للصيادين كانت تُسمى "راقودة"، فأعجب بالمكان وقرر أن يبني مدينة تحمل اسمه لتكون نقطة وصل بين مصر واليونان فكانت "الإسكندرية"، وظلت العاصمة أيام البطالمة والرومان حتى الفتح الإسلامي لمصر عام 641 م.

الإسكندر الأكبر 

الفسطاط:

 كانت عاصمة مصر لمرتين الأولى من عام 641 م / 20 هـ حتى عام 750 م / 132 هـ، بناها عمرو بن العاص عقب دخوله مصر، واختار موقعها الاستراتيجي والحضاري القائم عند تفرع النيلٌ إلى دلتاه، وهو موقع له أهميته من الناحية الحربية والعمرانية، وأسس عاصمته الجديدة "الفسطاط" التي تعني "المخيم". وكان العرب يطلقون هذه الكلمة على المدينة ومجتمعها. وهي تقع حالياً بمقربة من حصن بابليون على ساحل النيل في طرفه الشمالي الشرقي، وأقام "عمرو بن العاص" في وسط مدينة "الفسطاط" مسجده العتيق وهو يعد أول مسجد أسس في مصر بل في أفريقيا كلها. وظلت "الفسطاط" عاصمة البلاد الأولى من سنة الفتح الى سنة 132 هجري اي لمدة 112 سنة. ثم عادت "الفسطاط" عاصمة لمصر مرة أخرى عام 905 م في عصر بنو إخشيد، وهم سلالة تركية مستعربة حكمت مصر والشام واستمرت حتى عام 969م.

مدينة الفسطاط

 

العسكر:

 أسسها صالح بن علي أول وال للعباسيين في مصر سنة (133 هـ – 750 م) شمال "الفسطاط" وظلت العاصمة من عام 750 م / 132 هـ حتى عام 868 م 283 هـ. بعد سقوط الخلافة الأموية وقيام الخلافة العباسية خضعت مصر للخلافة الجديدة فعند مجيء بنو العباس لمصر أنشأوا عاصمة جديدة لدولتهم الناشئة في مصر، فكانت مدينة "العسكر" في مكان عرف في صدر الإسلام باسم "الحمراء القصوى"، وكان يمتد إلى جبل يشكر الذي بنى ابن طولون على قمته فيما بعد مسجده الجامع. وفي ذلك المكان أقام العباسيون ديارهم واتخذوا مساكنهم، وبنى صالح بن علي دار الامارة وسكن الجند، وكانت في البداية مقصورة على الجنود العباسيين، ولعل هذا السبب الذي جعل الناس يطلقون عليها "العسكر" وبمرور الأيام اتصلت "العسكر" "بالفسطاط" وأصبحتا مدينة كبيرة خطت فيها الشوارع وشيدت عليها المساجد والدور والبساتين والأسواق العباسية.

أطلال مدينة العسكر في لوحات المستشرقين

 

القطائع:

بناها أحمد بن طولون في مصر لتكون عاصمته، وكان متأثرا بتصميم وتخطيط مدينة "سامراء" العراقية. وسُميت العاصمة بهذا الاسم لأن ابن طولون قسمها مناطق لكل فئة من سكانها، وأطلق على كل منطقة اسم "القطيعة"، فكان فيها "قطيعة السودانو"قطيعة الروم"، وقطيعة لكل طائفة من طائفة الغلمان والموالي، وهى بمنزلة "الحارات" اليوم، كما جعل لأهل كل حرفة قطيعة خاصة بهم، فكان "سوق العيارين" و"سوق الطباخين" وهكذا... وعرفت المدينة من أجل ذلك "بالقطائع" وظلت عاصمة مصر من عام 868 م حتى عام 905 م.

 

مدينة القطائع

القاهرة:

من عام 969 م حتى الآن، وهي من العواصم الأطول عمراً في تاريخ الدول على مستوى العالم، أنشأها القائد الفاطمي جوهر الصقلي سنة (358 هـ – 969 م) شمال مدينة الفسطاط، وأطلق عليها اسم "المنصورية" ثم جاء الخليفة المعز لدين الله الفاطمي وجعلها عاصمة لدولته، وسماها "القاهرة" وهو اسمها الحالي.

 

                                                                   المعز لدين الله الفاطمي                                                                         جوهر الصقلي

 

ويمكن تقسيم القاهرة معمارياً كعاصمة إلى 3 عصور:

العصر الأول - القاهرة الفاطمية – الإسلامية:

عاصمة مصر وذلك في عهد "الفاطميين والأيوبيين والمماليك والعثمانيين"، وكانت القاهرة من أهم المراكز الثقافية في ذلك الوقت وتم إنشاء "دار الحكمة " و"دار للكتب" في قصر الخلافة التي تعد من أضخم ما عرف في العصر الوسيط وأقام الفاطميون أيضاً جامع الأزهر الذي أصبح ذو شهرة عالمية واحتل مركزاً مرموقاً في العالم الإسلامي.

 

 

                                                      لوحة تخيلية لدار الحكمة                                                                                                 الجامع الأزهر قديما

 

وتزعمت القاهرة قيادة العالم الإسلامي في عصر صلاح الدين الأيوبي، فكانت الدرع الواقي للعرب وللإسلام إذ وقع عليها العبء الأكبر في اخراج الصليبيين من المشرق، كما بهرت القاهرة الأتراك العثمانيين عندما دخلوها عام " 1517 م " بسبب ما كانت عليه من عمران متسع ومنشآت معمارية كثيرة العدد، فخمة البناء موزعة في احيائها الكثيرة التي نمت وازدهرت في عصورها التاريخية المتعاقبة.

 

صلاح الدين الأيوبي

 

العصر الثاني - القاهرة الخديوية:

وهو الوصف الذي يطلق على "القاهرة" في عصر أسرة محمد علي باشا وتحديداً في عصر الخديوي إسماعيل، حيث اتسمت بالمباني التي تشبه الطراز الفرنسي، ومكانها حالياً وسط "القاهرة"، وفيها انتقل مقر الحكم من القلعة التي كان بها "محمد علي" إلى قصور أحفاده كقصر عابدين والقبة.

                                                           وسط القاهرة قديما                                                                                                   الخديوي إسماعيل 

العصر الثالث- القاهرة المعاصرة:

وهو الوصف الذي يطلق على القاهرة من حكم 23 يوليو عام 1952 م، وأخيرا .. فإن لمدينة " القاهرة " سحرها وجلالها الذي يشع في الإنسان إحساساً عميقاً بتواصل مسيرته وفخره بهذا التراث العريق الشاهد على حضارات عدة، إن كل مكان فيها حمل أثراً لواحد من عصور التاريخ حتى تكاد تكون المدينة الوحيدة في العالم التي توجد بها آثار لأربع حضارات وهم : (الفرعونية والرومانية والقبطية والإسلامية) وهي تحتويهم جميعاً في بوتقة واحدة فريدة في تعددها ووحدتها في نفس الوقت.

    القاهرة المعاصرة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

للمزيد من الموضوعات "اضغط هنا"