جارى تحميل الموقع
2 الخميس , مايو, 2024
البوابة الالكترونية محافظة القاهرة
سبيل نفيسة البيضا وواجهة وكالتها

 

 

يرجع بناء سبيل وواجهة هذه الوكالة إلى السيدة نفيسة البيضا والتي تعد الزوجة الثانية لمراد بك الذي حكم مصر لمدة تزيد على عشرين سنة، وقد عرفت بثرائها الفاحش فكانت أثرى نساء عصرها نتيجة استثمار أموالها وتجارتها في الأسواق.

 

وقد أنشأت السيدة نفيسة البيضا وكالتها في الطرف الجنوبي لشارع المعز لدين الله الفاطمي بالقرب من بوابة المدينة ثم ألحقت بها سبيلاً وكتابًا شيدتهما عام 1211هـ / 1796م في مبنى من طابقين ملاصق للوكالة.

 

وصف السبيل :

 


 

ويتكون "السبيل" من غرفة مرتفعة ومزخرفة، واجهتها مغطاة بالنوافذ المطلة على "شارع المعز"، وهي الغرفة التي تبدو عمارتها الفائقة الممزوجة بالعمارة العثمانية إضافة إلى الأخرى المصرية جراء جنسية صاحبة السبيل، وكانت فائدة هذه النوافذ أن يتم توظيفها في توزيع المياه لعابري السبيل، فيما لم يعثر المرممون على خزان أسفل أرضية "السبيل"، ما كان يعني أنه يتم تخزين المياه أولا بأول من خلال مياه نهر النيل .

 

أما "الكتّاب" فكان يشغل الغرفة القائمة فوق "السبيل"، ويتكون من شرفة مطلة أيضا على "شارع المعز"، وتمتع أيضاً بعمارة متميزة عكست روح العصر العثماني الذي انعكس بروعته المعمارية على الأسبلة والكتاتيب التي أنشئت في ذلك العصر .

 

ورغم مساحة السبيل الصغيرة، إلا أنه يعد مصدراً تاريخياً وشاهداً في الوقت نفسه على التطور المعماري في مصر واندماج الحضارة القديمة مع الأخرى الأجنبية، وهو ما يبدو في التناسق المعماري الملحوظ ودقة التنفيذ في نحت الأحجار والزخرفة على البرونز والخشب، ما أثار إعجاب المرممين الأمريكيين أنفسهم، وجعلهم يضعونه على قائمة الترميم التي يوليها المركز الأمريكي في القاهرة، حفاظاً على هذا الصرح التاريخي من ناحية، وتوظيفه مركزاً ثقافياً من ناحية أخرى .

 

وقد خصصت هذه السيدة هذه الأبنية كمركزٍ خيري يحوي سبيلاً يعلوه كُتاب ووكالة تجارية بها محالٌ تؤجر ويستغل ريعها للصرف على السبيل والكُتاب، إضافة إلى حمامين يُستَغلُ ريعهما لأوجه الخير، ويعلو الوكالة والحمامين ريعٌ لإسكان فقراء المسلمين بمبالغ رمزية، وقد عٌرِفَت هذه المجموعة باسم "السكرية".

 

وقد نقشت على واجهة السبيل أبياتٌ شعرية تمتدح فضائل تلك السيدة، وتُعد هذه الواجهة من الواجهات نصف الدائرية، التي تطل على الشارع بثلاثة شبابيك، توجد في دخلات معقودة ترتكز على أربعة أعمدة ملتصقة بالواجهة، وهذه الشبابيك مغشَّاة بأشكال زخرفية نباتية متشابكة كقطعة الدانتيلا.

 

من هي السيدة "نفيسة البيضا"؟

 

ولدت السيدة "نفيسة البيضا" عام 1850 في بلاد القوفاز أو شرق الأناضول، وبيعت كجارية واشتراها علي بك الكبير الذي كان أقوى مملوك في تلك الفترة الزمنية، وسرعان ما أصبحت الجارية المفضلة لعلي بك الكبير، وعندما توفي تزوجت مراد بك وأصبح لديهما عدد من الممتلكات المنتشرة في جميع أنحاء القاهرة، وامتلكا عدداً ضخماً من المنازل وحامية خاصة مكونة من 300 مملوك كما امتلكا جواري وعبيداً .

 

وقد عرفت هذه السيدة بأعمالها الخيرية الضخمة فعلى الرغم من انتشار الاضطرابات والأوبئة والمجاعات والحروب الأهلية في هذه الفترة الزمنية، فإن نفيسة وزوجها أنفقا بسخاء وكرم على نفسيهما وذويهما ما جعلهما يوقفان ممتلكاتهما.

 

وبعد وفاة مراد بك الكبير نتيجة اضطرابات عدة في البلاد وأمراض أصيب من خلالها الطاعون، توارى اسم "نفيسة البيضا"، ليتولى بعدها الوالي محمد علي باشا مقاليد الحكم في عام ،1805 بعدها انخفضت ثروة "نفيسة البيضا"، ولم تستطع الوفاء بمصاريف حاشيتها الضخة التي ورثتها عن زوجها .

 

المرجع :

-  “سبيل نفيسة البيضا” جوهرة القاهرة التاريخية، موقع الخليج.