جارى تحميل الموقع
7 الثلاثاء , مايو, 2024
البوابة الالكترونية محافظة القاهرة

  عيد وفاء النيل

 

حابي إله   النيل ... جالب السعادة، يفيض بالمياه الوفيرة كل عام لتروي أراضي مصر كلها ... فهو روح النهر وقوته التي تمنح الخير للأرض كما يعتقده القدماء المصريون، فقد آمن المصريون القدماء منذ استقرارهم على ضفاف النيل بأن نهر النيل هو مصدر الحياة وتجسيداً للنظام الكوني الذي يحيون فيه وأن منابعه هي حدود الكون المعروف في عالم الأحياء وفي العالم الآخر أيضًا.

 

وقد وصل قدسيتهم له إلى أن اعتبروا النيل إلها أطلقوا عليه «حابي أو حعبي» بمعنى "الذى يفيض بالماء" وصوروه على هيئة رجل جسمه قوى وله صدر بارز وبطن ضخمة كرمز لإخصابه يحمل خيرات الأرض من الطعام والشراب إلى جانب رموز الحياة والرخاء، وربطوا بينه وبين أساطير الخلق في عقائدهم فأمنوا بأنه كان يمثل المياه الأولى التي برزت منها الأرض المصرية في بدء الخليقة.

  

ولقد لاحظ المصريون فيضان النيل، واعتبروه مؤشراً لبداية العام في التقويم المصري القديم حوالي منتصف شهر أغسطس حاليًا عندما كان النهر يبدأ في الارتفاع، ويميل لونه إلى الحمرة ليبلغ ذروته في سبتمبر ثم تبدأ المياه في الإنخفاض مع نهاية فصل الخريف لتصل إلى أدنى مستوياتها في مايو من كل عام،واهتم المصريون بتسجيل ارتفاعات الفيضان من خلال العديد من مقاييس النيل المنتشرة على امتداد مجراه، واعتبروا أن ارتفاع النهر بمقدار 16 ذراعًا كان يمثل المستوى الأمثل للفيضان الذي يتم على أساسه تقدير ناتج المحاصيل والضرائب المستحقة على الأرض.

 

ونظراً لحاجة المصريين الدائمة لتجديد الفيضان فقد أكدت الديانة المصرية القديمة ضرورة القيام بعدد من الطقوس كل عام قبيل وأثناء قدوم الفيضان أملاً فى أن تهب الآلهة أرض مصر فيضانًا وفيراً دون انقطاع، وعلى الرغم من ندرة الدلائل على هذه الطقوس إلا أن أقدمها يعود لعصر الدولة الوسطى في القرن 20 ق.م. وهى المعروفة "بأناشيد النيل" التي تمتدح النهر وتخبرنا عن الوفاء بقربان كبير من الماشية والطيور له عندما فاض على وجه الأرض.

 

كذلك حفظت لنا سفوح جبل السلسة شمال أسوان ثلاث لوحات مسجلة بالخط الهيروغليفي تحتوي على ثلاثة مراسيم تعود لعصور الملوك سيتي الأول ورمسيس الثاني ومرنبتاح في الفترة ما بين 1300 ــ 1225 ق.م. حيث تقر هذه المراسيم بأن تقام الاحتفالات للإله حعبي في السلسلة مرتين في العام مع أعلى وأدنى ارتفاع للفيضان، وأن يتم خلالها التقرب للنيل بالتقدمات التي تحتوي على قرابين مختلفة من الحيوانات والخضروات والزهور والفاكهة، وكذلك عدد من التماثيل الصغيرة لإله النيل نفسه، وأشارت هذه المراسيم أيضًا إلى "إلقاء كتاب حعبي" الذي كان عبارة عن لفافة من البردي تحتوي على قائمة من القرابين، حيث يتم حرقها على مذبح أو تلقي في النهر، واحتفظت لنا بردية "هاريس" حوالي 1150 ق.م. بقائمتين كبيرتين من القرابين لحعبي وكان أكثر ما يميزها هو قربان التماثيل التي أطلق عليها صور "حعبي" إله النيل.

 

ومع نهاية القرن الثاني الميلادي ظهرت بعض الأعمال الأدبية اليونانية المعروفة باسم "البسيودوبلوتارخ" لعدد من المؤلفين المجهولين الذين نسبوها للمؤرخ "بلوتارخ" والتي أشارت لأول مرة إلى التضحية بآدميين في نهر النيل على الرغم من أن الأضاحي البشرية لم تكن ضمن الطقوس المصرية القديمة فيشير الفصل 16 منها، النيل هو نهر مصر بالقرب من مدينة الإسكندرية ولكنه كان يسمى في السابق "ميلاس" من "ميلاس" ابن "بوسيدون" أما فيما بعد فلقد أطلق عليه "إيجيبتوس" لهذا السبب: كان "إجيبتوس" ابن "هيفاستيوس" و"ليوكيبي" ملك البلاد التي حدثت فيها حرب أهلية لأن النيل لم يرتفع وحزن السكان من المجاعة فأظهرت "البيسيا" ربة الوحى الحل، وهو أنه لو ضحى الملك بابنته "أجانيبي" للآلهة فسوف يكثر الخير، فأخذوها للمذبح وتمت التضحية بها عندئذ قذف "إيجيبتوس" من شدة حزنه عليها بنفسه إلى النهر "ميلاس" ولذلك سمى باسمه "إيجبتوس".

 

وتشير الدلائل التاريخية إلى أن المصريين كانوا يقومون بإلقاء بعض الدمى من الخشب كى يفيض النهر حتى القرن الثامن عشر فيحدثنا الجبرتي أنه فى يوم الاحتفال كان الوالي ينزل من القلعة مع الأمراء في مراكب مزينة من مصر القديمة إلى مقياس النيل بالروضة ويمكث هناك حتى يفي النيل 16 ذراعًا، حيث تقام الاحتفالات ويعطي الوالي الضربة الأولى بيده بمعول من فضة في المكان المحدد الذي تعد فيه الفتحة التي سيخرج منها الماء من السد الذي يحجزها عن قناة فم الخليج ليدخلها الماء شيئًا فشيئا

 

ثم تلقى دمية فى النيل حسب الأساطير القديمة مع حفنة من النقود الذهبية والفضية في المياه المتدفقة، ويتبعها الحاضرون بإلقاء قطع النقود والأزهار وسط قرع الطبول وابتهاج الناس بقدوم النيل ووفائه في موعده.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر:

  • وفاء النيل، جريدة الشروق.
  • عيد وفاء النيل، موقع ويكيبيديا.