جارى تحميل الموقع
5 الأربعاء , فبراير, 2025
البوابة الالكترونية محافظة القاهرة
تاريخ سك العملة الجزء الثالث
1 يونيو 2022
About

للاستماع إلى الموضوع

 

بعد أن تناولنا سويا كيف بدأت المسكوكات وكيف عربت وتطورت خلال العصر الاموي والعباسي والفاطمي والايوبي في الجزء
الأول والثاني نستكمل اليوم حديثنا في الجزء الثالث والأخير والذي نروي فيه تاريخ تطور العملة في العصر المملوكي والعصر العثماني.

 

​العصر المملوكي:

من أبرز العصور في تاريخ العملات الإسلامية، نظرا للتطورات التي طرأت على العملة في هذا العصر. وينقسم العصر المملوكي إلى عصرين:

العصر الأول عصر المماليك البحرية: عرفوا بهذا الاسم لأن الملك الصالح الأيوبي أسكنهم قلعة في جزيرة الروضة، فانتسبوا إلى بحر النيل، أو سمّوا بذلك لأنهم قدموا من وراء البحار، وحكموا مصر.

جزيرة الروضة

 

 بدأ هذا العصر منذ تولي الملكة شجرة الدر الملك والعرش عام 648 هـ، عقب موت زوجها الملك الصالح نجم الدين أيوب مباشرة وبدأت في سك عملة مختلفة تمامًا لكي تميز بها عصرها، وتم كتابة بعض النصوص على وجه العملة مثل (المستعصمة-الصالحية-ملكة المسلمين-والدة المنصور خليل أمير المؤمنين) وعلى الوجه الآخر (لا إله إلا الله محمد رسول الله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله)، ولكن هذه العملة نادرة جدًا نظرًا لأن حكم الملكة شجرة الدر لم يستمر سوى شهرين.

دينار شجرة الدر

 

وبعدها جاء السلطان قطز الذي أصدر عملة مختلفة في زمنه وسجل عليها تاريخ انتصاره على المغول في المعركة الإسلامية الشهيرة عين جالوت، وذلك على العملات الذهبية والفضية، وحملت اسمه منفردًا وكانت على النحو التالي: “الملك المظفر سيف الدنيا والدين قطز”.

دينار السلطان قطز

 

وتعد عملات بيبرس من أجمل العملات التي تم إصدارها في هذه الفترة.. لما احتوت عليه من نقوش جميلة، كما كان أول من تلقب بلقب "السلطان الملك" كمكافأة له على جهوده في إحياء الخلافة العباسية، وظهر على دنانيرٌه رنك السبع ولقب بقسيم أمير المؤمنين، كما ضرب بيبرس "الدراهم " وزاد عيارها، وحازت على ثقة المتعاملين حتى نهايةٌ عصر الدولة البحرية.

دينار الظاهر بيبرس

 

أما العصر الثاني فهو عصر المماليك البرُجية أو الجراكسة وسُمّوا بذلك لأن السلطان قلاوون أسكنهم أبراج قلعة الجبل، وكانوا أكثر عددًا، وحكموا مصر من سنة (784 -923هـ/ 1382-1517م)، وتم إنشاء دار سك العملة في مدينة الإسكندرية، بجانب دار السك التي توجد بالقاهرة. ومن أهم السلاطين في هذه الفترة السلطان الأشرف خليل بن قلاوون ناصر الملة المحمدية ومحي الدولة العباسية. حمل السلطان هذه الألقاب بعد حملته ضد إماره عكا الصليبية والتي ظلت تحت حكم الصليبيين قرابة القرنين من الزمان. وكان فتح هذه المدينة عملا عظيما أثر في التاريخ الإسلامي والأوروبي، لذا كتب السلطان الأشرف خليل هذه الألقاب على نقوده إعلانا على هذا الحدث التاريخي.

 

السلطان الأشرف برسباي

انتشرت عملات دولة البندقية الإيطالية وشاع استخدامها بشدة نظرا لضبط وزنها وعيارها، فقام السلطان الاشرف برسباي بسك دنانير وحد فيها الوزن والعيار وجعلها مماثلة لعملات البندقية، وعرفت باسم الدنانير الأشرفية نسبة إليه. وكانت على الشكل التالي:

 

كتب على الوجه: "لا إله إلا الله محمد رسول الله"

بينما كتب على الظهر: "عز لمولانا السلطان الملك الأشرف أبو النصر برسباي عزّ نصره"

دينار السلطان الاشرف برسباي

 

كما تميز عصر السلطان برسباي بإصلاح العملات الفضية وظهور فئات متعددة منها " درهم، ربعدرهم ، نصف درهم، ربع وثمن درهم، ربع ونصف درهم" وكانت فئة "ربع وثمن درهم" هي أغرب هذه الفئات انتشارا، ولكن الأغرب هو عدم ظهور هذه الفئة قبل أو بعد ذلك.

 

العصر العثماني:

قامت الدولة العثمانية بسك العديد من العملات الذهبية، والنحاسية والفضية أثناء فترة حكمها وذلك لأن النقود لها أهمية كبيرة. الأمر الذي جعلها تقوم بسك العملات بأشكالها المختلفة، وأهم ما يميز عملة العصر العثماني الكتابات الواضحة والسهلة مما يسهل قراءة المنقوش عليها بكل سهولة، وبالأخص نقوش الخليفة العثماني في هذا التوقيت، كما انها انتشرت انتشار كبير جدًا، وظل التداول بها لفترة كبيرة جدًا من الزمان.

 

في بداية الأمر استمر ضرب النقود على الطراز الأشرفي في مصر، كما ضربت النقود الذهبية على غرار الدوكات الذهبية البندقية من حيث الوزن والعيار، نظرا لقوة الدوكات في التجارة العالمية في البحر المتوسط وبذلك أصبح للنقود العثمانية الذهبية الاستمرارية في التعاملات النقدية، وتميزت بخلو كتاباتها تماما من العبارات الدينية حيث كتب على الوجه اسم السلطان سليم واسم والده " بايزيد" والحق به ألقاب" السلطان" و"خان" بالإضافة إلى العبارة الدعائية الأشهر " عز نصره" والتي كتبت تيمنًا بهؤلاء السلاطين العثمانيين واستمرت كتابتها طول العصر العثماني. أما الظهر فكتب عله العبارة التالية: "ضارب النضر - صاحب العز والنصر - في البر والبحر"، والنضر في الغربية هو الذهب، أما "صاحب العز والنصر في البر والبحر"فهذه الصيغة إشارة إلى تمجيد وتعظيم السلاطين، الذين سكوا هذا الطراز، وكان لهم الغلبة في البر والبحر. فهي أول الصيغ وأقدمها التي كتبها العثمانيون على نقودهم ، كما تميزت النقود العثمانية عن مثيلاتها من نقود الدول الأخرى باستخدام أسلوب جديد ومبتكر في كتابة التواريخ المسجلة على هذه النقود، حيث كتب عليها تاريخ تتويج السلطان العثماني على العرش بدلا من كتابة سنة السك الفعلية. ويرجع ذلك التغيير الذي طرأ على المسكوكات في عهد السلطان سليم  هو منح العثمانيون اليهود السيطرة على دار الضرب نظرا لتعاطفهِم معهم  فقد وضع الوالي خاير بيك ولي مصر المعلم إِبراهيم اليهودي على دار الضرب. مثال لنقود سليمْ الأول : كتب على الوجه : سلطان سليم خان إبن بايزيد خان عز نصره، ضرب بمصر 924أما على الظهر فكتب عليه :ضارب النضر صاحب العز والنصر في البر والبحر.   

 

دينار ضرب بمصر مؤرخ بعام 924 هـ

 

ويتميز هذا الطراز باستمرار التأثيرات المملوكية المتمثلة في كتابات الوجه والظهر في أسطر أفقية، أما الجديد فهو ظهور زخرفة الأمواج المنكسرة المتجه من اليسار إلى اليمين والتي تفصل ما بين سطور كتابات الظهر، وكذلك نقش النجمة السداسية التي عرفت في الديانة اليهودية بنجمة دواد بين ثنايا كتابات الظهر حيث نقشت بشكل صريح على هيئة مثلثين متقاطعين.

 

السلطان سليمان القانوني 926 ه (المشرع)

أصدر السلطان سليمان قانون نامه ووضع فيه ضوابط العمل في دار الضرب، كما استمر على نفس الطراز، ولكنه أطلق على النقود الزر محبوب، وهي كلمة فارسية (فزر تعني الذهب، ومحبوب تعني العزيز)، كما أضاف كلمة السلطاني وهي نسبه إلى السلطان سليمان.

 

مثال لدينار السلطان القانوني:

فكتب على الوجه: سلطان سليمان شاه - بن سليم خان عز نصره - ضرب في مصر 926هـ.                             

أما على الظهر فكتب: ضارب النضر - صاحب العز والنصر - في البر والبحر.

 
دينار السلطان القانوني

 

النقود الذهبية في عهد السلطان مراد الثالث بن سليم 982هـ - 1300ه:

اخضع السلطان مراد الثالث  ابن سليم بلاد القرم وهزم النمسا وكان قاب قوسين او أدني من إيطاليا، وضرب النقود على طرازين كالآتي: الطراز الأول كان سائد في مصر منذ السلطان سليم، الطراز الثاني كان بصيغه حديثة وكتب عليه (سلطان البرين -خاقان البحرين – السلطان بن السلطان).

 

السلطان مصطفى الثاني

سار السلطان مصطفى الثاني على نفس درب من سبقوه وضرب النقود على طراز الزر محبوب، كما أصدر النقود الذهبية المعروفة بـ " الطغرى أو الطغراء"، ولم يكن اول من سك هذا الطراز ولكن في عصره كان ظهوره بشكل واسع على النقود الذهبية والنحاسية، مع المحافظة على صيغة "سلطان البرين" في كتابات الظهر، أما الوجه فكان مشغولا في الجزء العلوي منه بالشكل الطغرالي باسم السلطان مصطفى خان بن محمد واسفلها العبارة الدعائية "عز نصره" مع تاريخ ومكان الضرب. 

 

دينار السلطان مصطفى الثاني

 

وعن اصل كلمة "طغرى أو الطغراء" قيل ان اصلها فارسي اعجمي تعنى ( التوقيع بالقلم بالشكل المرسوم )، وقيل انها مشتقه من اللغة التركية طغراء او تورا تعني ختم الخاقان او الملك على الجياد حتى لا يستخدمها غيره  وكانت تقتصر على اسم السلطان والقابه.

 

تطور ظهور الطغراء

اخذ العثمانيون الاتراك استخدام الطغراء عن السلاجقة منذ حكم السلطان أورخان بن عثمان وكان لها شكلان من اشكال الطغراوات الشكل الاول يحمل تاريخ 1324م واسم السلطان والاب في البداية واستمرت هذه الطغراء حتى عهد السلطان محمد جلبى، الشكل الثاني كان في سنة 1348م   اضيفت كلمة "خـــــان" ثم عبارة "مظفر دائما" في عهد مراد الثاني واستمرت طوال العصر العثماني. فكان كل سلطان يتولى العرش يأمر بعمل طغراء خاصة به. وقد عرفت الطغراء في الوثائق التاريخية بأسماء متعددة مثل "نيشان همايون" او "توقيع همايون" او "علامت شريف" او "طغراى غرا"، ونتيجة لأهميتها في الاستخدام وضع السلطان موظف موكل لوضعها ورسمها على الدساتير والمناشير. وكان اول ظهور لها او استخدامها على الدساتير او الاوامر السلطانية في عهد محمـــــد الفاتح.

 

السلطان أحمد الثالث بن محمد 1115هــ

ضربت النقود في عهد السلطان أحمد الثالث بن محمد على طراز الزر محبوب بشكل طغرالي، مع عمل بعض الاصلاحات النقدية، حيث تميزت النقود في عهده بانفراد الطغراء على الوجه فقط، وقد عرفت بالذهب الاستانبولي ولكن في مصر أطلق عليها زنجيرلي او جنزير، والجنزير هو إطار من حبيبات تشبه السلسلة، والزنجيرلي هو تحريف للكلمة الفارسية المركبة زنجير- لي فجنزير /تعني السلسلة ……و.لى / تعنى ذو………أي النقد ذو السلسلة، وقد ضرب في سنتين 1119-1122ه  واستمر حتى سنه 1147ه وتم التوقف بدار الضرب عن صناعته.

مثال لنقود السلطان أحمد الثالث بن محمد: كتب على الوجه: الطغراء فقط. أما على الظهر: تاريخ جلوس السلطان - مكان الضرب.

       

ولكن في عهد الولي محمد باشا وصاحب دار الضرب داود باشا جلس مع الموردين لإعادة انتاج الزنجيرلى ولم يجد تعاون لذلك سكها في دار ضرب تابعه له في الجيزة، كما حاولت الدولة العثمانية اعادة الارتفاع بدار الضرب المصرية فضربت طراز جديد عرف بالفندقلى أي (البندقى ) نسبه الى مدينه البندقية بإيطاليا، ولم يكتفوا بضرب الفندقلى بل ضربوا انصاف وارباع الفندقلى.

 

أهم العملات التي ظهرت في الدولة العثمانية 

أولاً عملة "القرش" من أهم العملات التي صدرت في تاريخ العملات الإسلامية.. وهى عملة تم سكها في العصر العثماني من الفضة سنة 1688م في عهد السلطان أحمد مصطفى الثالث، وكان القرش في هذا الوقت يساوي 10 بارات. البارة تعني المال وهى أحد العملات المهمة في تاريخ العملات الإسلامية التي كان يتم تداولها في العصر العثماني، حيث تم سكها من معدن الفضة عام 1520 م.. وكان يبلغ وزنها في هذا الوقت 6 قيراط ونصف.

 

ثانياً عملة "البشلك" تم سكها من معدن النحاس والفضة.. حيث كان يحمل اللون الأحمر، وكان يساوي 5 قروش.

 

ثالثاً عملة "البرغوث" تم سكها من معدن الفضة، وكان البرغوث الكبير يعادل 100 بارة.

 

رابعاً عملة "السحتوت" تم سكها من معدن النحاس.. ويعد من أصغر العملات في الحجم والقيمة في العصر العثماني.

 

خامساً عملة "الليرة العثمانية" تم سكها من الفضة عام 1844م ولها عدة أسماء وفقًا لعهد السلطان التي كانت تصدر في عهده، وكانت كالتالي: (1- الليرة الحميدية) والتي تم سكها في عهد السلطان عبد الحميد، (2- الليرة المجيدية) والتي تم سكها في عهد السلطان عبد المجيد، (3- الليرة الرشادية) وهي التي تم سكها في عهد السلطان محمد الخامس رشاد بن عبد المجيد.. حيث تم الكتابة على وجه العملة بخط الثلث جملة “عز نصره ضرب”، بينما كتب على الظهر جملة "الطغراء العثمانية"، ويوجد العديد من فئات الليرة (فئة 1، 2، 3، 4، 5 ليرة عثمانية) وفئة (ربع ونصف ليرة)، وفئة (نصف، ربع، سدس وثمن مجيدي).

 

وظلت هذه النقود متداولة في معظم البلدان العربية نظراً لوقوعها تحت الإدارة العثمانية، واستمر التداول بهذه النقود حتى سقوط الدولة العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى، بعد ذلك وقع الوطن العربي تحت الاستعمار الأجنبي، وتم تداول نقود الدولة المستعمرة إلى أن تم استقلال الدول العربية، فأصبح لكل دولة عملتها الخاصة التي باتت جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية.

 

المصادر والمراجع:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  • السكة الإسلامية في مصر (عصر دولة المماليك الجراكسة): رأفت محمد النبراوي.
  • النقود العثمانية (تاريخها- تطورها- مشكلاتها): سيد محمد السيد محمود.
  • أثر اليهود على نقود السلطان سليم الاول في مصر: احمد محمود يوسف.
  • الطغراء على النقود العثمانية: أباظة محمد إبراهيم. 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

للمزيد من الموضوعات "اضغط هنا"


محادثة ألية
دائما نشط
أهلاً! الرجاء اختيار الخدمة المطلوبة.
1