جارى تحميل الموقع
21 الخميس , نوفمبر, 2024
البوابة الالكترونية محافظة القاهرة

أشهر الأسبلة الأثرية

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

سبيل وكُتاب خسرو باشا 942هـ / 1535م

  

 المقدمة

انتشرت فى ربوع القاهرة العديد من المنشآت المعمارية الفريدة منها الأسبله التي كانت تستخدم لتخزين الماء العذب من النيل وإمداد الماره به، وهي منشأة خيرية عرفت عند كل الأديان، وتبارى السلاطين والحكام والأمراء وأهالي الخير والأثرياء في إنشائها كنوع من الصدقة الجارية وتنوعت أشكالها وأحجامها. وحظيت مدينة القاهرة بنصيب كبير، حيث تركزت الأسبلة فى المناطق الآهلة بالسكان وفى الأسواق والأحياء التجارية والصناعية مثل شارع المعز وشارع الصليبة وحى الجمالية وحى الغورية وشارع التبليطة وحى السيدة زينب وشارع البتانة وغيرها، ولم تغن هذه الأسبلة عن دور "السقا"، الذي كان له دور هام في توصيل المياه من الأسبلة إلى المنازل البعيدة عنه وذلك نظراً لعدم انتشار الأسبلة في كافة أنحاء القاهرة.

 

كما تعددت وظائف الأسبلة فلم تقتصر على وظيفة إمداد الماره بالماء فحسب بل كانت لها وظيفة أخرى تعليمية.فقد الحق بها في الجزء العلوي كُتاب  لتعليم الصغار مبادئ القراءة والكتابة وتحفيظ القرآن الكريم وقد إستمر الجمع بين وظيفة السقاية والتعلم في بناء الأسبلة منذ فترة الحكم المملوكي وهو الأمر الذي أعطي السبيل المصري خصوصيةً وميزه عن الأسبلة الأخرى التي أُنشئت في معظم مدن العالم الإسلامي.

 

وصف الاسبلة:

يتكون السبيل من بناء بباطن الأرض لتخزين المياه ويعلوه مباشرة بناء آخر لتوزيع هذا الماء على المارة، وقد اختلفت أشكال الأسبلة وأنماطها من وقت إلى آخر، منها النمط المصرى المحلى والنمط التركى العثمانى، وبالطبع كان النمط المصرى هو السائد فى القاهرة، وظهر هذا بوضوح فى عمارة الأسبلة العثمانية وقد بلغ عدد الأسبلة التى شيدت على هذا النمط ثلاثة وستين سبيلا ضمن سبعين سبيلا باقية فى القاهرة، وتعود لهذا العصر، وتطور السبيل وأصبح الدور العلوى فى بعضها يستخدم كُتاب لتحفيظ القرآن الكريم كصدقة جارية أيضا مثل مياه السبيل.

 

وفيما يخص سبيل خسرو باشا فقد أنشأه خسرو باشا الوالي العثماني على مصر في الفترة من (941هــ -1535م حتي 943هــ - 1537م)،وهو يقع في شارع المعز لدين الله أمام مجموعة السلطان قلاوون، ويعتبر أقدم الأسبلة العثمانية الباقية بمدينة القاهرة، ورغم إنشاء هذا السبيل في العصر العثماني إلا إنه يُعد امتداداً للنموذج المحلي المصري في تخطيط الأسبلة، وهو مستقل وغير ملحق بأبنية أخرى.

 

وصف السبيل:

للسبيل واجهتان مطلتان على الشارع؛ هما الواجهة الشمالية الغربية المطلة على شارع المعز، والواجهة الشمالية الشرقية المطلة على الإيوان الشمالي الغربي للمدرسة الصالحية، ويوجد في كل واجهة شباك للتسبيل، ويتوج الواجهتان بشريط ممتد يحتوي على نص كتابي تأسيسي للسبيل وللكُتاب  بالخط الثلث ويشمل اسم منشئه وتاريخ الإنشاء، وكل من الشباكين مغشى بمصبعات من النحاس وفي مقدمة كل شباك من الخارج يوجد رف من الرخام يرتكز على ثلاثة كوابيل من الحجر كان مخصصا لوضع طاسات وكيزان الشرب.

 

ويتم الدخول حاليا إلى السبيل من ممر خلفه حيث كان للسبيل والكُتاب كتلة مدخل تقع على شارع النحاسين بالجهة الغربية من الواجهة الشمالية الغربية كان فيها مدخل مستقل لكل من السبيل والكُتاب الا أن هذين المدخلين قد اندثرا الآن وحل محلهما دكان لبيع النحاس. ويتم الدخول حاليا الى السبيل من باب في الطرف الجنوبي من الضلع الجنوبي الغربي لحجرة التسبيل، وحجرة التسبيل مفروشة من الداخل برخام ملون على هيئة تقسيمات هندسية بديعة، ويقابل الشباكين من الداخل دخلات رأسية ثلاث في كل جهة، الدخلة الوسطى تسمي الشاذروان وبها لوح من الرخام يسمي السلسبيل وعليه زخرفة نباتية بارزة ويعلوه حوض ينساب منه الماء على وجهه ليتجمع في حوض أسفله ثم في قنوات من الرصاص الى أحواض الشرب والدخلتان الجانبيتان مخصصتان لحفظ أدوات السبيل والسقف مغطى بخشب مسطح ومزخرف بنقوش ملونه، ويرتكز السقف على إزار خشبي عريض به كتابات بخط النسخ على أرضية نباتية نصها بسم الله الرحمن الرحيم ثم آية الكرسي ثم صدق الله العظيم وصدق رسوله الكريم سيدنا محمد.

 

أما الكُتاب  الذى يعلو السبيل فيتم الوصول إليه عن طريق سلم حديدي حديث قامت بتركيبه لجنة حفظ الآثار العربية عام 1909م في عهد الخديو عباس حلمي الثاني وحجرة الكُتاب تأخذ نفس تخطيط حجرة التسبيل، وتطل واجهتين الكُتاب على الخارج بعقدين متجاورين علي شكل حدوة الفرس يرتكزان على دعامة في الوسط ونجد في الجزء السفلى من الواجهتين درابزين من خشب الخرط كما يتوجهما رفرف خشبي يرتكز على كوابيل خشبية.


موقع سبيل خسرو باشا على خرائط جوجل


 

على رأس حارة الروم المتفرعة من شارع المعز لدين الله بحي الغورية تقع تحفة معمارية أخرى وهي سبيل محمد علي ... وقد أنشأه الوالي محمد علي باشا عام (1236 هجرية – 1820ميلادية) صدقة على روح ابنه الأمير أحمد طوسون باشا الذي توفى عام (1231 هجرية ـ – 1816 ميلادية) متأثراً بمرض بالطاعون عن عمر يناهز 22 عاماً، وقد أنشأ محمد علي هذا السبيل في شكل معماري متميز يحاكي طراز الأبنية في اسطنبول، من حيث الزخرفة الغنية المنحوتة على الرخام والتي كانت محاكاة لطراز الباروك الأوروبي.

 

الوصف المعماري للسبيل:

للسبيل واجهتان إحداهما رئيسية تقع بالجهة الشمالية الغربية وهي مقوسة. فتح بها خمسة شبابيك معقودة بعقود نصف دائرية يغشيها أحجبة نحاسية بها رسوم بيضاوية يتخللها أوراق نباتية محورة، ويوجد أسفل كل شباك منطقة رخامية مستطيلة عليها زخارف من الباروك والروكوكو، ويعلو كل شباك لوحة من الرخام الابيض كتبت عليها بعض النصوص باللغة التركية والتي تتحدث عن الماء وأهميته، يغطي حجرة التسبيل قبة مزينة من الداخل بالرسوم الزيتية الجدارية، كما يوجد المدخل الرئيسي بهذه الواجهة على يمين شبابيك التسبيل، وهو مصبوب بالبرونز الصافي ويعلوه عقد نصف دائري. ويغطي واجهة السبيل والمدخل رفرف خشبي بارز محلى بالنقوش المذهبة.

 

أما الواجهة الثانية: فهي فرعية وتقع بالجهة الشمالية الشرقية التي تطل على حارة الروم، يتوسطها المدخل الفرعي وهو عبارة عن فتحة باب مستطيلة، يؤدي إلى استراحة ملحقة بالسبيل لتناول الطعام والشراب فيها، وبُني أعلاه كُتّاب ثم تحول الكُتّاب إلى مدرسة، فيما بين عامي 1828 و1831م وأضيفت الحجرات الدراسية بالطابق العلوي كما يوجد حجرة التسبيل من الداخل ويظهر فيها أحواض وشبابيك

 

ويحتوي السبيل على صهريج ضخم تحت الأرض عمقه تسعة أمتار، ومسقوف بتسع قباب حجرية، وجدرانه مبطنة بمونة غير منفذة للماء، على غرار المباني الرومانية القديمة، وكانت تغذيه بالماء أنابيب تملؤها سواق منصوبة على الخليج المصري الذي كان يخترق المدينة وقتها، وتبلغ سعة الصهريج 455 ألف لتر، تكفي لملء مليون ونصف مليون كوب من الماء.


موقع سبيل محمد علي بالقادين على خرائط جوجل



سبيل وكتاب نفيسة البيضاء

 

يقع سبيل وكُتاب  نفيسة البيضا في حي الغورية بالقرب من باب زويلة، وقد أنشأته نفيسة البيضا معتوقة وزوجة علي بك الكبير عام ١٢١١هـ/ ١٧٩٦م في أواخر العصر العثماني. وبعد وفاة علي بك تزوجت نفيسة البيضا من مراد بك، وحظيت بمنزلة كبيرة عند المصريين ليس لكونها زوجة مراد بك الذي يكره المصريين فحسب، بل لدعمها للمصريين وتقديم العون لهم عند قدوم الحملة الفرنسية على مصر، فضلا عن حبها للخير فأنشأت مجموعة خيرية تتكون من سبيل يعلوه كُتاب  ووكالة تجارية بها محال تؤجر ويستغل ريعها للصرف على السبيل والكُتاب ، بالإضافة إلى حمامين يستغل ريعهما لأوجه الخير، كما يعلو الوكالة والحمامين ربع لإسكان فقراء المسلمين بمبالغ رمزية، وقد عرفت هذه المجموعة باسم السكرية.

 

من هي السيدة نفيسة..

لم تكُن «نفيسة خاتون» أو «نفيسة البيضا» كما اشتهرت بين عموم المصريين مُجرد سيدة عادية، بل كانت جارية شركسية أتت من بلاد بعيدة، لتستقر في مصر، وكانت بيضاء البشرة بصورة ملفتة لذا عرفت باسم «نفيسة البيضا»، وكانت على جانب كبير من الثقافة والروعة والجمال، وكانت من ضمن حريم علي بك الكبير حاكم مصر أثناء تلك الفترة، وقد أعتقها وتزوجها لتُصبح بذلك حرة طليقة، وبعد وفاة على بك تزوجت من مراد بك واشتهرت باسم «نفيسة المرادية» نسبة لزوجها مراد بك.

 

ولما كانت وريثة لثروة علي بك، فقد أعادت استثمار أموالها في التجارة وصارت واحدة من أثرياء البلاد، ويكفي أنها امتلكت عدداً من القصور والبيوت والكالات التجارة وجيشاً صغيراً مؤلفاً من 400 من المماليك، فضلاً عن عدد كبير من الجواري والخدم في قصرها. ولكن لم يستمر الأمر على هذا الوضع، نظرا لقدوم الحملة الفرنسية على مصر1798م، فقد تعرضت هي وزجها لمشاكل اقتصادية، وتلها وباء الطاعون الذي أود بحياة مراد بك، ودفعت "نفيسة البيضا" غرامات للحملة الفرنسية كعقوبات فرضت عليها، وظلت الأوضاع تدهور بيها حتى تولى "محمد علي" حكم مصر، وشرع في استئصال ما تبقى من المماليك، ولم يتركها في بيت زوجها الأول علي بك الكبير إلا بعد أن صارت فقيرة معوزة، وماتت كذلك في عام 1816 بعد أن كانت ملكة غير متوجة لمصر.

 

الوصف المعماري للسبيل والكُتاب :

يأخذ السبيل واجهة نصف دائرية، ويطل على الشارع بثلاثة شبابيك توجد في دخلات معقودة ترتكز على أربعة أعمدة ملتصقة بالواجهة، وهذه الشبابيك مغشاه بأشكال زخرفية نباتية متشابكة كقطعة من الدانتيلا، ويتقدمها رف رخامي لوضع كيزان الشرب عليه لسقاية المارة، ونجد لوحة رخامية مصاصة بجانب واجهة السبيل خصصت لشرب الأطفال وكبار السن، ويعتبر هذا السبيل نموذجا ممتازا للطراز المعماري العثماني في أواخر عهده بالقاهرة.  يختلف هذا السبيل في أن صهريجه لا يوجد أسفله وإنما أسفل مبنى مجاور.

 

ويعلو السبيل كُتاب  علوي لتحفيظ وتعليم القرآن للأطفال وأيتام المسلمين. وتزخر واجهة السبيل والكُتاب  بروائع وجماليات الزخارف الحجرية والرخامية والنحاسية والخشبية من الوحدات الهندسية والنباتية المجسمة التي انتشرت في العصر العثماني التركي بمصر والمتأثرة بالطرز الأوروبية الفنية في عصر النهضة بالقرنين السابع عشر والثامن عشر الميلاديين، وقد خصصت هذه السيدة هذه الأبنية كمركزٍ خيري يحوي سبيلاً يعلوه كُتاب  ووكالة تجارية بها محالٌ تؤجر ويستغل ريعها للصرف على السبيل والكُتاب، إضافة إلى حمامين يُستَغلُ ريعهما لأوجه الخير، ويعلو الوكالة والحمامين ريعٌ لإسكان فقراء المسلمين بمبالغ رمزية، وقد عٌرِفَت هذه المجموعة باسم "السكرية"، وقد نقشت على واجهة السبيل أبياتٌ شعرية تمتدح فضائل تلك السيدة.


موقع سبيل نفيسة البيضاء على خرائط جوجل 


سبيل وكتاب عبد الرحمن كتخدا

 

في قلب مدينة القاهرة؛ بشارع المعز لدين الله الفاطمي تقع هذه التحفه الإسلامية المميزة التي تسحر العين بمجرد مشاهدتها من بعيد.... هذا المعلم الفريد والمميز في شكله وتصميمه والذي يُعد من أرقي النماذج التي صممت للأسبله أنه سبيل وكُتاب عبد الرحمن كتخدا، هذا السبيل والكُتاب الذي أنشأه الأمير عبد الرحمن كتخدا المعروف بأمير البنائين في العصر العثماني، و يعتبر من بنائي القاهرة العظام، حيث قام بتشييد ثمانية عشر مسجدا، وأجرى توسعات هامة في الأزهر، كما أقام العديد من الأضرحة، بالإضافة إلى إصلاحه لعدد كبير من المساجد والمدارس المملوكية، وفقا لما جاء في (تجليات مصرية: جولات في القاهرة القديمة - قصائد الحجر) – لجمال الغيطاني.

 

وللسبيل ثلاث واجهات (جنوبية وشمالية وغربية) متشابهة تماماً ومتساوية في الطول. وتحتوي كل واجهة على عقد نصف دائري مرتكز على عمودين من الرخام، وتوسط العقد فتحة كبيرة تقدم من خلالها أكواب الماء للعابرين (شباك التسبيل)، والفتحة معقودة بعقد نصف دائري أيضاً يرتكز على عمودين حلزونيين. ويغطي فتحات الشبابيك شبكات نحاسية على شكل عقود ثلاثية مفصصة متقاطعة تسمح بحركة أكواب الشرب خلالها.

 

ويزخرف سبندلات العقود زخارف هندسية بديعة منفذة بالرخام الدقيق متعدد الألوان. وتحتوي حوائط الواجهة الخارجية على مداميك حجرية معشقة على شكل أوراق نباتية محوّرة. ويتوج واجهة السبيل ستة صفوف من المقرنصات تحمل أرضية الطابق الأول الذي يحتوي على الكُتاب، يقع مدخل السبيل على شارع التمبكشية على يسار الواجهة الجنوبية، وهو يشبه المداخل المملوكية. ويتكون المدخل من حائط غائر يتوجه عقد ثلاثي الفصوص سقف بنصف قبة تزخرفها صفوف من المقرنصات. ويتوسط الحائط الغائر باب السبيل الذي يعلوه عتب مستقيم نقش عليه أبيات من الشعر. وتعلو العتب وحدة زخرفية رخامية عبارة عن دائرة متوسطة تحتوي على نص تأسيسي يحيط بها أربع دوائر صغيرة.

 

يؤدي مدخل السبيل إلى ردهة صغيرة يوجد فيها ثلاثة أبواب: الأول يقع على يمين الداخل ويؤدي إلى حجرة الصهريج، والثاني على يسار الداخل ويؤدي إلى الحجرة التي يقدم منها الماء (حجرة التسبيل)، والثالث في صدر الردهة ويؤدي إلى السلم الذي يصعد إلى الكُتاب، المسقط الأفقي لحجرة التسبيل مستطيل أبعاده 4.50 × 3.50 م. وتقع شبابيك الحجرة الثلاثة ضمن حوائط غائرة في جدران الحجرة الثلاثة المطلة على الشارع. وجدران الحجرة مكسوة بأكملها ببلاطات خزفية زرقاء اللون مزينة بشتى أنواع الزخارف النباتية. ويحتوي الجدار الجنوبي على لوحة من البلاطات الخزفية تمثل منظراً للكعبة الشريفة والمباني المحيطة بها.

 

حجرة الكُتاب  ذات مسقط مستطيل بنفس مساحة حجرة التسبيل، وتطل على الشارع من ثلاث جهات من خلال مشربيات. وللحجرة سبعة أعمدة من الرخام تشبه أعمدة واجهات السبيل يعلوها ستة عقود مدببة من الحجر يتوجها رفرف خشبي مائل. ويبرز عن هذه الحجرة شرفة بها أربعة عشر عموداً رفيعاً من الخشب تحمل خمسة عشر عقداً ترتكز على درابزين من الخشب الخرط الجميل. ويتوج الشرفة رفرف خشبي أقل ارتفاعاً من الرفرف الأول.


موقع سبيل عبد الرحمن كتخدا على خرائط جوجل 

 

 تاريخ التحديث: 2024

محادثة ألية
دائما نشط
أهلاً! الرجاء اختيار الخدمة المطلوبة.
1